من الولاية للجعل والاعطاء للغير ممن له الولاية العامة على الناس بأن يصير من جعلت له الولاية كالوالي نفسه في كونه اولى بالناس في انفسهم واموالهم كما انه لا ينبغي الريب في وقوعه ايضا في الجملة، كما يدل عليه سيرة النبي صلى الله عليه وآله بعد بسط الاسلام، وسيرة امير المؤمنين (ع) في زمان خلافته من جعلهما الولاة في البلاد وكون الولاة عنهما بمنزلة انفسهما في تلك البلاد التي نصبوا ولاة فيها، (والظاهر) من فعل سائر الخلفاء ايضا ذلك إذ الظاهر ان نصبهم الولاة انما كان بما انه وظيفة الخلافة، فهم وان تقلدوا الخلافة على خلاف طريقة الدين إلا ان نصبهم للولاة لم يكن إلا بما انهم يرون انفسهم خلفاء وان ذلك من وظيفة كونهم كذلك، (وبالجملة) فلا اشكال في ثبوت تشريع الولاية في الشرع وجعل منصب الوالي كما انه يجعل منصب القضاء، ولكل منهما وظيفة غير وظيفة الآخر، فوظيفة الوالي هي الامور النوعية الراجعة إلى تدبير الملك والسياسة وجباية الخراج والزكوات وصرفها في المصالح العامة من تجهيز الجيوش واعطاء حقوق ذوي الحقوق (وبعبارة اخرى) كلما يكون وظيفة السلطان في مملكته، ومنه جعل القاضي في خطة ولايته كما يشاهد في هذه الاعصار من كون القاضي المنصوب في ناحية محكوما بتبعية والي تلك الناحية، وكما ينقل من معاملة القضاة مع ولاة النواحي في الاعصار السابقة (واما وظيفة القضاة) فعبارة عن قطع الخصومات وحبس الممتنع وجبره على اداء ما عليه والحجر عليه في التصرف في امواله إذا كان دينه مستغرقا ومباشرة بيع امواله إذا امتنع هو بنفسه عن بيعها و نحو ذلك مما هو من شئون القضاء، وهذا هو المتيقن من الوظيفتين، وهناك امور يشك في كونها من وظائف الوالي أو القاضي وذلك كالتصرف في اموال الايتام والمجانين وحفظ اموال الغائبين وغير ذلك من الامور الحسبية مما هو