فإنّ مقتضاه: أنّه لو اشتُري الآبق أو الضالّ المرجوّ الحصول بثمنٍ قليل، لم يكن غرراً؛ لأنّ العقلاء يقدمون على الضرر القليل رجاءً للنفع الكثير. و كذا لو اشترى المجهول المردّد بين ذهبٍ و نحاسٍ بقيمة النحاس؛ بناءً على المعروف من تحقّق الغرر بالجهل بالصفة. و كذا شراء مجهول المقدار بثمن المتيقّن منه؛ فإنّ ذلك كلّه مرغوب فيه عند العقلاء، بل يوبّخون من عدل عنه اعتذاراً بكونه خطراً.
فالأولى: أنّ هذا النهي من الشارع لسدّ باب المخاطرة المفضية إلى التنازع في المعاملات، و ليس منوطاً بالنهي من العقلاء ليخصّ مورده بالسفهاء أو المتسفّهة.
ثمّ إنّه قد حكي عن الصدوق في معاني الأخبار: تعليل فساد بعض المعاملات المتعارفة في الجاهلية كبيع المنابذة و الملامسة و بيع الحصاة بكونها غرراً [2]، مع أنّه لا جهالة في بعضها كبيع المنابذة؛ بناءً على ما فسّره به [3] من أنّه قول أحدهما لصاحبه: أنبذ إليّ الثوب أو أنبذه إليك فقد وجب البيع، و بيع الحصاة بأن يقول: إذا نبذت الحصاة فقد وجب البيع. و لعلّه كان على وجهٍ خاصٍّ يكون فيه خطر [4]، و اللّه العالم.