قلت: ان اطمأن الشريكان بأنه قد قسم مع العدالة من جميع الجهات
كفى القاسم الواحد، و لا حاجة الى التقويم، سواء كانت القسمة عقدا أو إيقاعا أو
حكما على اختلاف الوجوه و الأقوال- و ان كان الظاهر كونها بالعقد أشبه، و لعله من
هذه الجهة لم ينقل احتياج قاسم أمير المؤمنين عليه السّلام الى المقوم، و لذا لو
قسم أحدهما برضا الأخر كفى. نظير ما ذهب اليه بعضهم من جواز تولى الواحد لإجراء
عقد النكاح وكالة عن الزوجين، فان قسم القاسم و شك في كونه بالعدل و ذكر أنه قد
قسم بالعدل كان قوله متضمنا للشهادة فلا بد من شاهد آخر معه، و لعل ذهاب المحقق و الجماعة
إلى لزوم التعدد في صورة الاشتمال على الرد هو من جهة أن الغالب في مثل ذلك وقوع
الاحتياج الى التقويم، و مع عدمه أجزأ القاسم الواحد.
الكلام في أجرة القاسم:
قال المحقق قده: «و أجرة القسام من بيت المال، فان لم يكن إمام أو
كان و لا سعة في بيت المال كانت أجرته على المتقاسمين».
أقول: هذا بالنسبة إلى القاسم المنصوب من قبل الامام عليه السّلام،
فإن أجرته تكون على بيت المال لانه بعد للمصالح، لكن ذلك يختص بصورة إجبار الامام
المتقاسمين على التقسيم، و أما وجوبها على بيت المال في المورد الذي لم يأمر فيه
الإمام بالقسمة فبعيد، فكان الاولى التقييد بما ذكرناه، و حيث طلبا من الامام عليه
السّلام إرسال القاسم لأجل التقسيم كانت الأجرة عليهما، لانّ عمله محترم و هما قد
طلباه، فعليهما الأجرة لا على بيت المال و ان كان فيه سعة.
و أما إذا طلب أحدهما دون الأخر فأمر الامام بالتقسيم فهل عليه دفع
ما يجب على الراضي منهما أيضا من بيت المال؟ الظاهر هو العدم.
و المشهور- بل ادعى الإجماع- على أخذ الأجرة من كليهما و ان كان
أحدهما ممتنعا و كان التقسيم بأمر الحاكم و إجباره، و كذا لو لم يمتنع أحدهما بل
رضى بكلا الأمرين- بقاء الشركة و التقسيم- على السواء فأمر الحاكم بالتقسيم، قالوا
لان التقسيم له