حيث تردد فيها بلا ترجيح، حيث قال: «و اما القول مشافهة فهو أن
يقول للآخر: حكمت بكذا أو أنفذت أو أمضيت، ففي القضاء به تردد، نص الشيخ في الخلاف
انه لا يقبل» و هو كذلك، لما ذكرنا سابقا من حجية قوله فيما هو مرجوع اليه و محول
عليه و لا يعرف الا من قبله، فإذا أخبر بأني قد حكمت بكذا و اشهد الشاهدين على ذلك
كان إخباره حجة كما لو سمعا بأنفسهما الحكم منه، و كما يلغى احتمال عدم قصده للحكم
بالنسبة إلى الإنشاء المسموع منه فكذلك يلغى احتمال الخلاف بالنسبة إلى اخباره عن
ثبوت حكمه، و بذلك ينقطع الأصل الذي تمسك به المانعون.
قال المحقق: «و أما الثاني- و هو إثبات دعوى المدعى- فان حضر
الشاهدان الدعوى و اقامة الشهادة و الحكم بما شهدا به و أشهدهما على نفسه بالحكم و
شهدا بذلك عند الأخر، قبلها و أنفذ الحكم، و لو لم يحضروا الواقعة و أشهدهما بما
صورته:
ان فلان ابن فلان الفلاني. ادعى على فلان بن فلان بن الفاني كذا، و
شهد له بدعواه فلان و فلان، و يذكر عدالتهما أو تزكيتهما، فحكمت أو أمضيت، ففي
الحكم به تردد مع ان القبول أرجح، خصوصا مع إحضار الكتاب المتضمن للدعوى و شهادة
الشهود».
أقول: هذا هو الأمر الثاني، و هو أيضا على قسمين، فالأول: أن يحضر
الشاهدان مجلس الحكم على الغائب و يشهدهما الحاكم عليه، فإذا شهدا بذلك عند الحاكم
الثاني ثبت الحكم و كان على الثاني إنفاذه.
و الثاني: ان لا يحضر الشاهدان الدعوى بل يخبرهما الحاكم الأول بها و
بحكمه في الواقعة مع ذكر اسم المدعى و المدعى عليه و تعريفهما، كأن يخبرهما و
يشهدهما بما صورته ان فلان بن فلان الفلاني ادعى على فلان بن فلان الفلاني كذا و
شهد له بدعواه شاهدان عادلان و هما فلان و فلان فحكمت و أمضيت، فهل يقبل الحاكم
الثاني هذه الشهادة و يحكم بذلك؟ تردد فيه المحقق ثم رجح القبول على نحو ما عرفته
في المسألة السابقة، خصوصا مع إحضار الكتاب المتضمن للدعوى