في أحكام اللحوم و الشحوم و الجلود المشكوكة التذكية إذا وجد أحد هذه
الثلاثة و لم يعلم بتذكيته فان وجده في البريّة و لم تكن عليه أمارات التذكية أو
وجده في بلاد الكفر أو في الحدّ المشترك بين المسلمين و الكفّار فالظاهر الحكم
عليه بأنّه ميتة وفاقا لأكثر الأصحاب بل ادّعى عليه الإجماع لاعتبار إحراز التذكية
و العلم بتحقّقها أو قيام الامارة الشرعية بوقوعها في الحلية و الطهارة.
و أصالة عدم الموت حتف الأنف- كما قيل- لا تثبت كونه مذكى لعدم
اعتبار الأصل المثبت كما تقرّر في محلّه مع أنّ موضوع الحرمة و النجاسة ليس الموت
حتف أنفه بل الموضوع هو الأعمّ منه لأنّ موضوعه هو غير المذكى سواء أمات حتف أنفه
أم ذبح على غير الوجه الشرعي و من المعلوم أنّ نفى الخاصّ لا يستلزم نفى العام كما
هو واضح مضافا الى أنّ هذا الأصل أي أصل عدم الموت حتف الأنف معارض بأصالة عدم
التذكية و الأصل الثاني هو الاستصحاب.
و لكن يرد عليه بعدم تحقّق الحالة السابقة الّا أن يقال بتحقق الحالة
السابقة بأن يقال:
انّ هذا الحيوان كان في حال حياته غير مذكّى و الآن نشكّ في انقلاب
تلك الحالة عنه بعد موته و الأصل بقائها.
لكن يرد عليه أنّ موضوع الحرمة و النجاسة ليس كونه غير مذكّى فقط
حتّى في حال حياته بل الموضوع هو غير المذكى مع موته و هذا ليس له حالة سابقة
اللّهم الّا أن يقال: انّ عدم التذكية محرز بالأصل و موته محرز بالوجدان فيتحقق
كلا جزئي الموضوع بذلك فتتحقق الحرمة و النجاسة.
و كيف كان فعمدة المستند في هذا الحكم هو الأخبار.
فمنها رواية محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: من جرح صيدا
بسلاح و ذكر اسم اللّه عليه ثم بقي ليلة أو ليلتين لم يأكل منه سبع و قد علم أنّ
سلاحه هو الذي قتله فليأكل منه ان شاء[1].
[1] الوسائل الباب 16 من أبواب الصيد الحديث 1 و
الباب 18 الحديث 2