و بعبارة أخرى: كما يجوز الإرادة عند غسل اليدين في الوضوء و لا يقدح عزوبها عند غسل الوجه و يكون العمل الواجب- و هو الوضوء الذي أوّله غسل الوجه- واقعا مع النّية، فلا بأس بتقديم النيّة عند إحضار الماء للوضوء أو أخذ الإبريق للصبّ، و لا يقدح عزوبها عند غسل اليدين.
و يمكن أن يجعل خلافهم- بعد اتّفاقهم على كون النيّة هي الإرادة التفصيلية المتوقّفة على الإخطار- في أنّ المعتبر مقارنة تلك الإرادة لنفس المأمور به، أو يكفي مقارنتها لما يتعلّق به بما يعدّ معه فعلا واحدا. و الأظهر في كلماتهم جعل محل الخلاف هو الأوّل.
إذا عرفت هذا علمت أن ما نسب إلى المشهور من أنّ النيّة هي الصورة المخطرة بالبال، و أنّها عندهم حديث نفسيّ ممتدّ، و أنّها عندهم مركّبة لا بسيطة [1]، لا يخلو عن شيء، لأنّ النيّة عند هؤلاء هي الإرادة المنبعثة عن تصوّر الفعل و تصوّر غايته، فالصورة المخطرة مقدّمة للنّية لا نفسها.
نعم، ربما يظهر من بعض كلماتهم: أنّ النيّة أمر ممتدّ زمانيّ، كما لا يخفى على من راجع ما في الذكرى [1] و غيرها [2] من الثمرات المذكورة لجزئية النيّة و شرطيّتها.