توضيح محلّ الخلاف: أنّه لا خلاف بين العقلاء في أنّ الفعل الاختياري لا بد و أن يسبقه متّصلة به إرادة باعثة عليه منبعثة عن تصوّره مشتملا على منفعة أو دفع مضرة.
ثمّ لا فرق بين الجزء الأوّل من الفعل و ما عداه من الأجزاء في كون كلّ منها حركة اختيارية و فعلا اختياريا كالكلّ، إلّا أنّه يكفي في اتّصاف ما عداه بكونه أمرا اختياريا بما يبقى مركوزا في الذهن من التصور و القصد المنفصلين المذكورين المتعلّقين بمجموع الفعل أوّلا، و إن شئت فسمّه إرادة متّصلة تستمر الحركة باستمرارها، و لذا قال المحقّق الطوسي (قدس سره) في التجريد: و الحركة إلى مكان تتبع إرادة بحسبها، و جزئيات تلك الحركة تتبع تخيّلات و إرادات جزئية يكون السابق من هذه علّة للسابق المعدّة لحصول حركة أخرى فتتّصل الإرادات في النفس و الحركات في المسافة إلى آخرها [1]، انتهى.
ثمّ المراد بأجزاء الفعل ما كان مربوطا به بجامع بحكم العادة النوعية أو الشخصية، مثلا إذا تصوّر المختار المشي إلى السوق لأجل شراء اللحم فقام للبس ثيابه و نعله، كفى القصد المقتضي في أوّل قيامه، و أمّا لبس ثيابه و نعله- فضلا عن أوّل جزء من المشي- فيكفي فيها الأمر المركوز في الذهن و إن ذهل عن هذه الأفعال تفصيلا، لكنّها أفعال اختيارية صادرة عن قصد و اختيار يترتب عليها ما يترتّب على الفعل الاختياري لو فرض صدوره من أوّله إلى آخره بالقصد و التصوّر التفصيليين.