وقد مر في نظائره أن الانتساب إلى الذات مبني على حقيقة إدعائية، ومصحح الدعوى أنها محرمة بجميع شؤونها، وفي المقام يكون من شؤونها الامساك والحبس، فإذا كان الامساك حراما كان الرد واجبا، لفهم العقلاء من حرمته وجوب رده على صاحبه. والظاهر أن مراد الشيخ (قده) من الاستدلال بحرمة الامساك على وجوب الرد هو دعوى فهم العرف من نحو قوله: لا تمسك مال الناس لزوم الرد إلى صاحبه، سيما من مثل هذه الرواية المصدرة بلزوم رد الامانات إلى أهلها معللة بأنه " لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله إلا بطيبة نفسه " ولابد من انطباق الكبرى الكلية التي هي تعليل أو بمنزلته على الصغرى، فان لم تكن الكبرى دالة على وجوب الرد لم يصح جعلها تعليلا لوجوبه، إلا أن يقال: وجوب رد الامانة لا يلازم إيصالها إلى صاحبها، بل يراد منه رفع اليد والتخلية بينها وبين صاحبها، لكنه خلاف ظواهر الادلة. وكيف كان لا أظن أن يكون مراد الشيخ الاستدلال من حرمة الضد على وجوب ضده أو من وجوب نقيض الامساك على وجوب الرد فانه أمر لا يمكن أن يغفل الشيخ الاعظم (قده) عن فساده، ولا يمكن توهم رجوعه عن مبناه في الاصول، مع أنه على القول به لا يلزم وجوب الرد، لان الرد متقوم برفع يد الدافع وإثبات يد القابض، والرفع مقدم على الاثبات دائما، فيتصف هو بالوجوب دون ما تأخر عنه، تأمل. فما في تعليقة المحقق الخراساني إشارة وتعليقة تلميذه المدقق تفصيلا كأنه في غير محله، مع أن في تعليقة الثاني وجوها من الخلل: منها - قوله: " إن الامساك والرد بمعنى الايصال من مقولة واحدة = وفيه " لا يحل دم امرئ مسلم ولا ماله...).