للإضراب الموجب لإنكار ما قد أقر به فلا يلتفت إليه، وليس ذلك كالاستثناء، لأنه [1] من متممات الكلام لغة، والمحكوم بثبوته فيه هو الباقي من المستثنى منه بعده [2]، بخلاف الإضراب فإنه بعد الإيجاب يجعل ما قبل بل كالمسكوت عنه بعد الإقرار به فلا يسمع، والفارق بينهما اللغة.
(ولو قال: له علي عشرة من ثمن مبيع لم أقبضه ألزم بالعشرة) ولم يلتفت إلى دعواه عدم قبض المبيع، للتنافي بين قوله: علي، وكونه لم يقبض المبيع، لأن مقتضاه [3] عدم استحقاق المطالبة بثمنه مع ثبوته في الذمة [4]، فإن البائع لا يستحق المطالبة بالثمن إلا مع تسليم المبيع.
وفيه نظر، إذ لا منافاة بين ثبوته في الذمة، وعدم قبض المبيع، إنما التنافي بين استحقاق المطالبة به مع عدم القبض وهو أمر آخر، ومن ثم ذهب الشيخ إلى قبول هذا الإقرار، لإمكان أن يكون عليه العشرة ثمنا ولا يجب التسليم قبل القبض، ولأصالة عدم القبض وبراءة الذمة من المطالبة به، ولأن للإنسان أن يخبر بما في ذمته، وقد يشتري شيئا ولا يقبضه فيخبر بالواقع، فلو ألزم بغير ما أقر به كان ذريعة إلى سد باب الإقرار وهو مناف للحكمة.
والتحقيق أن هذا ليس من باب تعقيب الإقرار بالمنافي، بل هو إقرار بالعشرة، لثبوتها في الذمة، وإن سلم كلامه فهو إقرار منضم إلى دعوى عين من أعيان مال المقر له، أو شئ في ذمته فيسمع الإقرار