وأوجب المرتضى
ـ رضياللهعنه ـ في مسائل الخلاف وابن بابويه ـ رحمهالله ـ ثلاث أصابع مضمومة. [٢] وتبعهما الشيخ
ـ رحمهالله ـ في النهاية. [٣]
وإنّما أجزأ
ذلك كلّه ؛ لمكان الباء في قوله تعالى (بِرُؤُسِكُمْ). [٤]
أمّا عندنا
فظاهر ؛ للنصّ عليه في خبر زرارة ، قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : ألا تخبرني من أين علمت وقلت : إنّ المسح ببعض الرأس
وبعض الرِّجْلين؟ فضحك ، ثمّ قال يا زرارة قاله رسول اللهُ صلىاللهعليهوآله ، ونزل به الكتاب من الله عزوجل يقول (فَاغْسِلُوا
وُجُوهَكُمْ) فعلمنا أنّ الوجه كلّه ينبغي أن يغسل ، ثمّ قال (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) ثمّ فصل بين الكلام فقال (وَامْسَحُوا
بِرُؤُسِكُمْ) فعرفنا حين قال (بِرُؤُسِكُمْ) أنّ المسح ببعض الرأس ؛ لمكان الباء ، ثمّ وصل
الرِّجْلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه ، فقال (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى
الْكَعْبَيْنِ) فعرفنا حين وصلها بالرأس أنّ المسح على بعضها. [٥].
وإنّما نقلتُ
الحديث بأسره ؛ لكثرة الاختلاف في هذه الباء بين الأُصوليّين ، وحيث هي منصوصة
عندنا عن أئمّة الهدى فلا يلتفت حينئذٍ إلى مَنْ مَنَع من ذلك من الأُصوليّين ،
ولا إلى إنكار سيبويه [٦] إفادتها التبعيض في سبعة عشر موضعاً من كتابه ، وتبعه
على ذلك ابن جنّي [٧] ، مع أنّها شهادة على النفي ، ومعارضة بإقرار الأصمعي
وأبي علي الفارسي وابن كيسان والقتيبي [٨] وابن مالك من المتأخّرين ، [٩] وأكثر عليها
من الآيات الإلهية والشواهد الشعريّة ، كقوله تعالى (يَشْرَبُ بِها عِبادُ
اللهِ)[١٠].
[١] منهم : ابن
إدريس في السرائر ١ : ١٠١ ؛ والمحقّق الحلّي في المعتبر ١ : ١٤٤ ؛ والفاضل الآبي
في كشف الرموز ١ : ٦٦.