و قد حقق الإمام الحكيم في مختلف هذه الأبعاد انجازات مهمة، و أرسى قواعد و رسم اتجاهات لا زالت مؤثرة في مجمل الأوضاع الحوزوية حتى الآن.
ثالثا: الأمة
تمثل الأمة في اطار حركة المرجعية و نظريتها عنصرا مهما يعبر عن مجال عملها و نشاطها من ناحية، و عن الهدف الأساسي لها في التحرك من ناحية أخرى، حيث ان المرجعية ليست دولة أو حكومة، و انما هي نظام للعمل في الأمة في ظل حكومة قائمة. و لكنها أيضا تمارس بعض الأدوار و النشاطات التي تشبه دور النظام السياسي، و ذلك لملأ الفراغ الديني و الشرعي، عند ما تتخلى الدولة عن واجباتها أو تعجز عن القيام بها أو تنحرف و تتعدى حدودها المرسومة لها في نظر الشرع المبين. فالأمة اذن هي ساحة و ميدان عمل المرجعية.
كما ان الأمة في نفس الوقت هي هدف المرجعية، لأنها تستهدف بالأصل هداية الناس إلى اللّه تعالى و إيجاد الوعي في صفوفهم للحقائق الإلهية و الحياتية و دعوتهم للالتزام بها و تربيتهم و الدفاع عن حقوقهم و كرامتهم و حريتهم.
و من خلال هذين البعدين تنظر المرجعية إلى الأمة و تتحرك باتجاهها.
و كما رأينا فان المرجعية تعتمد بالأصل في وجودها و قدرتها على الأمة بعد اللّه تعالى، و كلما كانت علاقة المرجعية بالأمة قوية و حميمة، كلما كانت المرجعية مقتدرة و مؤثرة و العكس بالعكس أيضا.
و من هنا نجد الإمام الحكيم يهتم اهتماما بالغا بهذا الجانب و البعد في حركة المرجعية، و تحقيق انجازات كبيرة سواء على مستوى فهم دور الأمة و مسؤولية المرجعية تجاهها، أو على مستوى سعة النشاطات و شموليتها، أو على مستوى الأهداف المنشودة في أوساط الأمة.