في هذا المجال تقترن- أحيانا- بمبرراتها المصطنعة و المغطاة بغطاء ادعاء المصالح الإسلامية العليا، أو تزاحم الأهم مع المهم، أو حجم المنفعة الكبيرة، مع الإضرار الصغيرة، أو غير ذلك من المبررات التي يسهل تصورها، و تجد طريقها إلى نفس الإنسان، حيث يتحول الإنسان أحيانا إلى و هم يصبح فيه وجوده هو الممثل الكامل للإسلام و المصالح الإسلامية، فكل فائدة و منفعة له هي منفعة للإسلام، و كل ضرر ينزل به، فهو ضرر للإسلام، و كل عدو له هو عدو للإسلام، و كل تجاوز لشخصيته هو تجاوز للإسلام. إلى آخر هذه التصورات.
ان قضية الورع و التقوى في الأمور السياسية، هي قضية امتحان و ابتلاء الصالحين من عباد اللّه تعالى، حيث يتم اصطفاؤهم و اختيارهم من خلال هذا الامتحان العسير الذي تتداخل فيه الصور، و تضطرب فيه الرؤى، و تتحير فيه النفوس، و تضعف فيه الإرادة، أو تتكامل و تقوى.
2- العبادة
تمثل العبادة التعبير المباشر عن هذا المحتوى الأخلاقي لهذه المدرسة، خصوصا إذا نظرنا للعبادة بمفهومها الواسع، الذي يعني إتيان العمل في أي مجال كان، بقصد التقرب للّه تعالى، و تعبيرا عن علاقة العبودية له سبحانه، حيث كان الإمام الحكيم (قدّس سرّه) في هذا المجال يؤكد على نقطتين:
الأول: الإخلاص للّه تعالى في العمل، كما عرفناه في معالم التربية، و كما كان من جملة وصاياه لمبعوثيه، و للمبلغين في المواسم الدينية، هو السعي لتوفير هذا العنصر في كل الأعمال و الفعاليات و النشاطات، و كان يقول: بأن الإخلاص بالإضافة إلى ما يحققه من قرب للّه تعالى، و من الرضا الإلهي عن العمل الذي هو غاية ما ينشده الإنسان و يبتغيه في حياته.
فإن الإخلاص أيضا يمثل مفتاح النجاح و التوفيق للإنسان في أعماله، و هو سر التأثير في الآخرين.
كما كان (رحمه اللّه) يتحدث عن هذا الإخلاص عند الممارسة للنشاطات المختلفة، التي قد يشوبها شيء من النوايا الأخرى، مثل المصالح و المنافع