كان الإمام الحكيم يحرص على القيام بأعماله بنفسه إلى أقصى حد ممكن، و حتى في التفاصيل الصغيرة، حيث كان هذا الاتجاه الروحي ملازما لشخصيته إلى آخر أيام حياته.
فقد كان يقوم بالبحث، و التدريس، و المراجعة، و الكتابة، و التصحيح لكتاباته، دون أن يكلّف أحدا من طلابه، أو ذويه حتى في أيام شيخوخته.
و قد كتب كل هذه المؤلفات الكثيرة، دون أن يكلف أحدا باستنساخها أو بمساعدته.
و عند ما اتسعت دائرة الأعمال، بسبب المرجعية العامة، كان يقوم بعض مساعديه في إنجاز بعض هذه الأعمال، و لكن كان يقوم هو بنفسه أيضا ببعضها، بالقدر الذي يتسع له وقته، و في جميع هذه المجالات دون أن يتخلى عن بعضها.
كما كان أيضا يحاول أن يعتمد على نفسه في قضاء حاجاته الخاصة، و يتجنب إلى أقصى حد تكليف الآخرين، أو الطلب منهم في قضاء هذه الحاجات، و حتى في زمن الشيخوخة، لم يتخل عن هذا الاتجاه النفسي. حيث كنت ألاحظ- مثلا- انه كان يعد بنفسه كأس الليمون الحامض الذي وصفه الأطباء له كشراب مفيد.
كما انه كان يبادر بنفسه لشرب الماء من موضعه، و نحن جالسون حوله، دون أن يطلب منا تحضير الماء، و هو شيخ تجاوز السبعين.
و كان يعد بنفسه فراشه، و أدوات الكتابة، و أقلام القصب، أو ملأ القلم بالحبر، أو غير ذلك من الأمور البسيطة، و الدقيقة، دون أن يكلف أحدا بذلك، حتى خدمة أو أولاده.
و في هذا الاتجاه كنت ألاحظ حرصه- و إلى أواخر أيامه- على أن يباشر بنفسه دفع بعض مساعدات الفقراء و المحتاجين.
كما كان أيضا يباشر بنفسه الاستفسار، و السؤال عن الأشخاص، الذين