فهم من الخبر
المزبور أن المراد الجزم في أواخر الفصول لا بحيث يشمل الهاء من « إله » بل هي
يفصح بها : أي تحرك ولا تجزم ، فقوله عليهالسلام : « وأفصح » رفع لما عساه يتوهم من قول : « الأذان جزم »
ولعل ما ذكرناه من إرادته الأمر بإظهار الهاءات المزبورة مخافة أن الوقف المأمور
به يذهبها ، فتأمل جيدا ، وكيف كان فقضية ما سمعته من الأصحاب من التعبير عن
الحكمين بالاستحباب جواز غيرهما وعدم البطلان بخلافه ، حملا لهذا الأمر على
الاستحباب في الاستحباب ، فما عن القاضي ـ من اشتراط الوقف في فصولهما ، وربما حكي
عن بعض أفاضل عصرنا ـ لا يخلو من نظر خصوصا بعد ما عرفته من إجماع الأصحاب ، والله
أعلم.
والخامس أن لا
يتكلم في خلالهما بمعنى كراهته فيه وفاقا للمشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة ، بل في
المحكي عن المنتهى « نفي الخلاف عنه بين أهل العلم في الإقامة » كما أن في الغنية
« الإجماع على جواز التكلم في الأذان وأن تركه أفضل » وفيها أيضا « السنة في
الإقامة حدر كلمها ، وفعلها على طهارة واستقبال القبلة ، ولا يتكلم فيها بما لا
يجوز فعله في الصلاة بالإجماع » وعلى كل حال فقد استدل عليه في الأذان بأن فيه
فوات الإقبال المطلوب في العبادة وفوات الموالاة ، وهو كما ترى ، والأولى
الاستدلال عليه بما يفهم من موثق سماعة [١] ولو بمعونة فهم الأصحاب والتسامح ، قال : « سألته عن
المؤذن أيتكلم وهو يؤذن؟ فقال : لا بأس حين يفرغ من أذانه » من ثبوت البأس الذي
أقله الكراهة قبل الفراغ ، ولعلها المراد من أفضلية الترك في معقد إجماع الغنية
السابق ، لكن لا دلالة في شيء من ذلك على التعدية لغير المؤذن ، بل ليس في نصوص
الإقامة التي تسمعها ما يدل على الكراهة لغير المقيم قبل قول : « قد قامت الصلاة ».
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١٠ ـ من أبواب الأذان والإقامة ـ الحديث ٦.