كما أنه قد ظهر لك
من مجموع ما ذكرنا إمكان كيفيات ثلاثة لصلاة الليل : الأولى ما سمعته من قراءة
المجموع في الأولتين ، والباقي بطوال السور ، الثانية الاقتصار على الستين في
الأولتين ، والباقي بطوال المفصل كما هو ظاهر القواعد ، أو مطلقا كالأنعام والكهف
والأنبياء كما عن المبسوط والنهاية في موضع منهما ، والوسيلة والسرائر والتذكرة
والتحرير والدروس ، ولعله ظاهر المتن أو محتمله ، الثالثة قراءة التوحيد والجحد في
الأولين ، والسور الطوال في الست بعدها كما عن جماعة من الأصحاب ، قيل : ووافقهم
آخرون على السورتين في الأولين ، وسكتوا عن الباقية وخيروا فيها بين التطويل
والتقصير ، واختلفوا في كيفية قراءة السورتين ، فعن المفيد وابن البراج وابن زهرة
قراءة التوحيد في الأولى ثلاثين مرة ، والجحد في الثانية كذلك ، ولم نقف له على
مستند ، وأطلق الباقون ، وظاهرهم الاكتفاء بالمرة فيهما ، واختلفوا في الترتيب ،
فمنهم من قدم التوحيد على الجحد ، ومنهم من عكس كما عرفته سابقا مفصلا.
وربما ذكرت كيفيات
أخر لها ، منها ما عن المصباح من قراءة التوحيد في الأولين ستين كالسابق ، وقراءة
المزمل والنبإ في الثالثة والرابعة ، وقراءة مثل يس والدخان والواقعة والمدثر في
الخامسة والسادسة ، وقراءة تبارك وهل أتى في السابعة والثامنة ، ولم نعثر له في
النصوص على ما يشهد له ، كالمحكي عن المقنعة من قراءة التوحيد ثلاثين في كل من
الثمانية ، فيبلغ المجتمع منها مائتين وأربعين ، قال : فان لم يتمكن قرأها عشرا
عشرا ، ويجزيه أن يقرأها مرة واحدة إلا أن تكرارها حسبما ذكرناه أفضل وأعظم أجرا ،
بل وكذا ما ذكره الشهيد أيضا من قراءة السور في الجميع ، ومن العجيب نسبته ذلك إلى
قول الأصحاب ، ولم نعرف أحدا صرح بذلك إلا ما حكي عن سلار اللهم إلا أن يكون أخذه
من قولهم : يقرأ السور الطوال في نوافل الليل مع نصهم على ذلك في الست ، فتأمل
جيدا.