ومن ذلك كله
استوجه غير واحد جعل المدار على العرف الذي قد سمعته ، ولكن قيل الأحوط مع ذلك ما
ذكروه لشبهة الإجماع الذي ادعوه وإن أمكن الذب عنه بأن عبارة التبيان غير صريحة
فيه بل ولا ظاهرة ، وأما الفاضلان فهما وإن صرحا به إلا أنه يحتمل احتمالا قريبا
يشهد له سياق عبارتهما كون متعلقة خصوص لزوم اعتبار إسماع النفس في الإخفات ، ومن
السياق الشاهد على ذلك عطفهما على الإجماع قولهما : ولأن ما لا يسمع لا يعد كلاما
ولا قراءة ، ومنه أيضا قولهما في بعض كتبهما في حد الإخفات : وأقله أن يسمع نفسه ،
وهو كالصريح في أن للاخفات فردا آخرا أعلى من إسماع النفس ، ولا يكون إلا بإسماع الغير
من دون صوت ، وإلا لتصادق الجهر والإخفات في بعض الأفراد ، وهو معلوم البطلان ،
لاختصاص الجهر ببعض الصلاة والإخفات ببعض الصلاة وجوبا أو استحبابا ، إلا أنك خبير
بأن ذلك احتمال لا ينافي الظهور الحاصل من متون تلك الإجماعات المحتملة لأن يكون
المعتبر شرعا في الجهر والإخفات ذلك ، وأنه ليس المدار على مسماهما عرفا ، إذ لا
بعد في أن يراد منهما خصوص بعض الأفراد كما نهي عن الفرد العالي من الجهر وما لا
يسمع النفس من الإخفات بناء على تحقق اللفظ والقراءة به ، فصدق الإخفات عرفا حينئذ
على بعض ما أسمع الغير لا يستلزم الاجتزاء به شرعا ، ودعوى العسر والحرج بذلك
ممنوعة أشد المنع ، ولعل منشأ دعواها جريان العادة في الإخفات بإخراج الصوت بقوة
وعزم بصورة المبحوح ، فصار يصعب عليه غيره ، وإلا فالوجدان شاهد بإمكان القراءة من
دون إسماع الغير تمام ما يقوله بحيث يفهم إذا فرض عدم أقربيته له من سمعه اليه من
غير عسر كما هو واضح
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٤٢ ـ من أبواب القراءة في الصلاة ـ الحديث ٨ رواه عن رجاء بن أبى الضحاك كما
ذكرنا سابقا.