بعد نزول الامام
من المنبر ، وقيل : قبل الوقت ، إلى غير ذلك مما ليس هذا محل ذكره.
والحاصل لا يخفى
انصراف الذهن إلى إرادة التعريض بما في يد الناس من الابتداع كما ورد [١] « الاجتماع في
شهر رمضان بدعة » لا أن المراد أنه لو فعل ذلك كان بدعة : أي تشريعا محرما ، فان
هذا لا يخص الأذان ، بل لعل لفظ البدعة ظاهر في خلافه كما هو واضح ، خلافا للمحكي
عن المبسوط والفاضل في جملة من كتبه والشهيد في الذكرى والمحقق الثاني في جامعه
وتعليقه على النافع والإرشاد فمكروه ، وللدروس فمباح لا محرم ولا مكروه ، بل جعل
فيها الأول منهما مبالغة ، قال : « ويسقط استحباب الأذان في عصر عرفة وعشاء
المزدلفة وعصر الجمعة » وربما قيل بكراهته في الثلاثة وخصوصا الأخير ، وبالغ من
قال بتحريم الأخير ، وقد عرفت أن المبالغة هي التي يقتضيها النظر ، ضرورة عدم
جريان أصالة الجواز في إثبات أصل العبادة ، كما أن كونه ذكرا لله وحثا على عبادته
والكل حسن على كل حال لا يشرع الخصوصية ، وإلا لاقتضى ذلك استحبابه لغير اليومية ،
والاستصحاب بعد القطع بانقطاعه ضرورة كون هذا الحال غير الأول لا حجة فيه ، وإلا
رجع إلى استصحاب الجنس ، وهو غير حجة عندنا ، وكذا لا جهة للتمسك بإطلاق أوامر
الأذان أو عموماته ، ضرورة الاتفاق على عدم شمولها للمفروض ، وإلا لاقتضيا بقاء
ندبه ، والتزام الدروس بذلك بناء على إرادته سقوط تأكد الاستحباب لا أصله الذي لا
تتم العبادة بدونه ـ بل مقتضى ما سمعته منه في المسألة السابقة من أن الساقط أذان
الإعلام دون أذان الذكر البقاء على الندب الأول بعد الإجماعات السابقة ، بل يمكن
دعوى المحصل ، وبعد مواظبة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والتابعين وتابعي التابعين على وجه يقطع بأنه الراجح ، لا
أن الترك رخصة ، وإلا فالأفضل غيره ـ غريب.
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٤٩ ـ من أبواب صلاة الجمعة ـ الحديث ١ من كتاب الصلاة.