لو اختار التمام
بعد ذلك ، بل أقصاه أنه عزم منه على فعل أحد الفردين الذي هو القصر ، فمع فرض
تعذره عليه بالشك المزبور تعين عليه الفرد الثاني ، فتأمل جيدا فإنه دقيق ، ومنه
يعلم بطلان الاستدلال على وجوب التعيين باختلاف الأحكام في الشك وغيره ، مضافا إلى
أن مثله لا يقضي بالتعيين ، إذ أقصاه البطلان في الفرض المزبور.
ومن ذلك كله ظهر
لك ما في عبارة المصنف وما ضاهاها ، بل قوله فيها : « إن حقيقة النية استحضار »
إلى آخره كما ترى ، وكأنه به عرض الشهيد في الذكرى بقوله : « إن من الأصحاب من جعل
إحضار ذات الصلاة وصفاتها هي المقصودة ، والأمور الأربعة مشخصات للمقصود ، أي يقصد
الذات والصفات مع التعيين والأداء والوجوب والقربة ، وكانت نيته هكذا أصلي فرض
الظهر بأن أوجد النية وتكبيرة الإحرام مقارنة لها ثم أقرأ ويعدد أفعال الصلاة إلى
آخرها ، ثم يعيد أصلي فرض الظهر على هذه الصفات أداء لوجوبه أو ندبه قربة إلى الله
تعالى » ولقد أجاد في رده بأنه وإن كان هذا مجزيا إلا أن الاعراض عنه من وجوه
ثلاثة : أحدها أنه لم يعهد من السلف ، وثانيها أنه زيادة تكليف ، والأصل عدمه ،
وثالثها أنه عند فراغه من التعداد وشروعه في النية لا تبقى تلك الاعداد في التخيل
مفصلة ، فإن كان الغرض التفصيل فقد فات ، وإن اكتفي بالتصور الإجمالي فهو حاصل
بصلاة الظهر ، إذ مسماها تلك الأفعال ، على أن جميع ما عدده انما يفيده التصور
الإجمالي ، إذ واجب كل واحد من تلك الأفعال لم يتعرض له ، مع أنها أجزاء ، منها
مادية أو صورية ، واحتمال إرادة المصنف من صفة الصلاة كونها ظهرا واجبة مؤداة
يدفعه قوله : « والقصد إلى أمور أربعة » فتعين حمله على إرادة ما سمعت الذي فيه
مضافا إلى ما عرفت أنه ليس هو حقيقة النية ، وانما هو تشخيص المنوي. إذ النية أمر
واحد بسيط ، وهو القصد إلى فعل الصلاة المخصوصة ، والأمور المعتبرة فيها التي
يجمعها اسم المميز انما هي مميزات