الصحة الموجبة
للإعادة ضما لا ينافي نية التقرب معه وإن كان ما تسمعه مما ذكر دليلا له ينافي ذلك
، بل مطلق الإخلاص واجب في نفسه شرط لحصول الثواب لا للصحة ، إذ الشرطية حكم آخر
محتاج إلى دليل غير اعتبار الإخلاص في نفسه ، على أنه إن أراد غير ما ذكرنا من صحة
الصلاة بقصد الرياء مع الخلو عن قصد الامتثال كان خلافه غير معتد به أيضا ، لما
عرفت من توقف الصدق عليه ، وتوقف الصحة على الصدق المزبور والمقدمتان معلومتان ،
فالنتيجة كذلك.
أما القربة بمعنى
القرب الروحاني الذي هو شبيه بالقرب المكاني فهو من غايات قصد الامتثال المزبور
ودواعيه ، ولا يجب نية ذلك وقصده قطعا ، للأصل وإطلاق الأدلة ، ودعوى الإجماع عليه
ممنوعة ، سيما بعد تفسير جملة منهم القربة بما ذكرنا ، فما يظهر من بعض العبارات
من وجوبه بالخصوص كعبارة الغنية وغيرها واضح الفساد ، بل إن نواه مع عدم قصد
الامتثال يقوى البطلان كما ذكرنا ذلك مفصلا ، ولعل ذلك هو المراد بالداعي في قولهم
: إن النية هو الداعي مقابل القول بالإخطار ، لا أن المراد به ما هو المنساق إلى
الذهن من العلة الغائية ، وإن كان قد يجزي خطور الداعي بهذا المعنى عن النية لا
لأنه من الأمور المترتبة عليه ، فيكون قصده قصده ، ضرورة عدم استلزام نية المترتب
على شيء نية ذلك الشيء ، وإلا لاكتفي بقصد رفع الحدث في الوضوء مثلا عن نية قصد
الامتثال ، بل غير ذلك من الأمور التي رتبها الشارع على صحة عبادة ، بل كان يجتزى
في المعاملات بقصد آثارها المترتبة عليها عن قصدها ، وهو معلوم البطلان ولا لأنه
من اللوازم ، ضرورة لزوم قصد الامتثال حصوله لا قصده لقصد الامتثال ، فان الجاهل
مثلا قد يتخيل ترتب الآثار على الأفعال من دون قصد الامتثال ، وأنها من قبيل
الأسباب والمسببات التي ليست بعبادة ، بل لأن الغالب ممن كان الداعي في نفسه الذي
هو العلة الغائية وكان عالما عاقلا غير غافل ولا عاص أن يكون قاصدا