ولا يشترط في إجزاء
السماع حكاية السامع قطعا ، لإطلاق النص والفتوى ، فما يحكى عن الشهيد في النفلية
من اشتراطه ـ وكأنه لاستبعاد إجزاء السماع نفسه ـ في غير محله ، إذ هو شبه
الاجتهاد في مقابلة النص ، نعم يعتبر فيه إتمام ما ينقصه المؤذن لصحيح عبد الله بن
سنان السابق ، فيتلفق حينئذ الأذان من السماع والقول ، بل يحتمل التعدي منه إلى
غيره مما أخفت فيه المؤذن ، بل وإلى فعل ذلك اختيارا بدعوى كون ما فيه من النقصان
من باب المثال ، وإلا فالمراد مشروعية التلفيق ، فتأمل جيدا.
وعلى كل حال ففيه
إيماء إلى أن المجزي سماع الأذان كله كما هو ظاهر الأصحاب ومقتضى أصالة عدم السقوط
لا بعض الفصول منه ، إذ ليس السماع أعظم من القول قطعا ، فما يحكى عن ظاهر النفلية
من إجزاء سماع البعض لا يخلو من نظر وإن كان ربما يشهد له خبر أبي مريم باعتبار
غلبة سماع البعض في حال المرور ، ويكون المراد حينئذ وهو آخذ في الأذان والإقامة ،
بل يمكن تنزيل عبارات الأصحاب على ذلك بدعوى صدق سماع الأذان بسماع بعضه ، بل قد
يدعى أن الغالب في السامعين ذلك حتى أئمة الجماعة خصوصا المشتغلين منهم في حال
الأذان بالنافلة ونحوها ، لكن الجميع كما ترى لا يصلح الخروج به عن أصالة عدم
السقوط ، وما دل على الأمر به المؤيد ذلك كله بمعلومية ضعف السماع عن القول في
الاجزاء المزبور ، وهو لا يجدي فضلا عنه.
ثم إن الظاهر
إجزاء سماع الإقامة عنها أيضا وان اقتصر الأكثر على الأذان ، إلا أنه يمكن إرادتهم
منه ما يشملها ، وإلا كان محلا للنظر ، لظهور الخبرين المزبورين في ذلك ، فالأقوى
حينئذ إجزاء سماعها أيضا وفاقا لأول الشهيدين وغيره ، لكن ينبغي أن يعلم أن سماع
كل منهما يجزي عنه نفسه لا غيره ، فلا يجزي سماع الأذان عن الإقامة ولا العكس ،
لما عرفت من ضعف السماع عن القول ، وهو لا يجدي فضلا عنه ،