نعم يمكن لخبر
منصور بن حازم وعلي بن جعفر الحكم بالندب ، وكأنه لذا ترك التعرض لأصل هذا الحكم
بعضهم مقتصرا على بيان انحصار السجود في الثلاثة المزبورة ، إذ الظاهر أن ذلك منه
لعدم بدلية عنده بالمعنى المصطلح ، بل الكل تشترك في الجواز للضرورة التي هي مسقطة
للتكليف بأحد الثلاثة ، ولم يبق مخاطبا بعد إلا بما يتمكن معه من السجود ، فله
حينئذ إقرار جبهته على أي شيء يكون ، ولا ريب في قوة هذا إن لم ينعقد الإجماع على
خلافه ولو بإمكان حمل عبارات الأصحاب على عدم إرادة البدلية الاصطلاحية مما ذكروه
فيها وإن كان بعيدا في بعضها ، قال في النافع : « ولا يجوز أن يسجد على شيء من
بدنه ، فان منعه الحر سجد على ثوبه ، ويجوز السجود على الثلج والقير وغيره مع عدم
الأرض وما ينبت منها ، فان لم يكن فعلى كفه » وقال في التحرير : « إذا اضطر جاز أن
يسجد على المعادن ، وكذا يسجد على الصوف والثياب للتقية » وقال أيضا : « لا يجوز
السجود على بدنه ، فان خاف الحر سجد على ثوبه ، فان فقد سجد على كفه ، والسجود على
القطن والكتان حال الضرورة أولى من الثلج » وقال في البيان : « ولو منعه الحر سجد
على ثوبه ، فان تعذر فعلى كفه ، وفي ترجيح المعدن على النبات الملبوس نظر ، نعم
هما أولى من الثلج ، وهو أولى من الكف » وقال في الدروس : « ولو اضطر سجد على
القطن والكتان لا اختيارا على الأصح ، فإن تعذر فعلى المعدن أو القير أو الصهروج ،
فان تعذر فعلى كفه ـ ثم قال ـ : ولو خاف في الظلمة من أذى الهوام وليس معه إلا
الثوب جاز السجود عليه ، ولو خاف على بقية الأعضاء ولو وقاية جاز الإيماء ، وكذا
في كل موضع يتعذر السجود » وفي الذكرى « ولو وجد ملبوسا من نبات الأرض فهو أولى من
الثلج ، لأن المانع هنا عرضي بخلاف الثلج ، وقد روى ذلك منصور بن حازم ـ مشيرا به
إلى الخبر السابق ثم قال ـ : ولو كان في ظلمة وخاف من السجود على الأرض حية أو
عقربا أو مؤذيا ولم يكن عنده شيء يسجد عليه