الأحكام ـ من عدم
الاجتزاء ، لعدم الإتيان بالمأمور به شرعا ـ كما ترى ، اللهم إلا أن يريد أمر
الاستتار الذي هو مقدمة ، أو يريد خصوص ما إذا كان هو الغاصب ، والفرض أنه مكلف
بردها ، فكأنها باعتبار وجوب ذلك كالعدم ، لكن فيه أن أمر المقدمة لا يقدح فواته ،
وكونه غاصبا لا يمنع الصدق قطعا ، والصلاة إليها ليس تصرفا فيها وإن كان انتفاعا.
وكذا لا يشترط
طهارتها للإطلاق المزبور ، قال في الذكرى : « إلا مع نجاسة ظاهرة » قلت : أي يكره
الصلاة إليها ، أما إذا لم تكن كذلك فيشكل عدم الاجتزاء بها ، بل قد يشكل في
الظاهرة التي على ثوب ونحوه وإن كره استقبالها ، إذ لا مانع من اجتماع المكروه من
جهة والمندوب من أخرى بعد تعدد المتعلقين ، كما هو واضح.
ثم إنه صرح جماعة
بعدم الفرق بين مكة وغيرها في استحباب السترة ، بل ربما استظهر من المنتهى الإجماع
عليه حيث نسب الخلاف فيه إلى أهل الظاهر ، ولعله لإطلاق الأدلة ، لكن في خبر معاوية بن عمار [١] قلت لأبي عبد
الله عليهالسلام : « أقوم أصلي بمكة
والمرأة بين يدي جالسة أو مارة فقال : لا بأس ، إنما سميت بكة لأنه يبك فيها
الرجال والنساء » أي يزدحمون ، وفي التذكرة « لا بأس أن يصلي في مكة بغير سترة ،
لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم صلى هناك وليس بينه وبين الطواف سترة ، ولأن الناس يكثرون هناك ، لأجل
المناسك ويزدحمون ، وبه سميت بكة لتباك الناس فيها ، فلو منع المصلي من يجتاز بين
يديه ضاق على الناس » ثم قال : « وحكم الحرم كله كذلك ، لأن ابن عباس قال : أقبلت
راكبا على حمار أتان والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار ، ولأن الحرم محل المشارع
والمناسك » قال في الذكرى
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١١ ـ من أبواب مكان المصلي ـ الحديث ٧.