الاجتهاد إن أمكنه
من غير إبطال الصلاة ، قلت : لا ريب في عدم البأس به ، وأنه أحوط ، فيجتهد حينئذ ،
فإن وافق الأول استمر ، وان خالفه يسيرا استقام وأتم ، وإن خالفه كثيرا كان كظهور
الخطأ بالاجتهاد بعد الفراغ الذي ستسمع الكلام فيه ، وأنه عندنا لا ينقض السابق
فيتمها حينئذ على الأخير ، ولا إعادة ، فلاحظ وتأمل.
إنما البحث في
وجوب هذا الاجتهاد عليه ، وفي البطلان الصلاة لو فرض توقفه على ذلك ، لأنه لا يجوز
إتمامها على الشك كالأعمال المستقلة ، لاشتراك الجميع في اشتراط الاستقبال ، وليس
هو إبطالا للعمل ، بل بطلان ، لكن في كشف اللثام في مسألة نقض الاجتهاد بالاجتهاد
التصريح بأنه إن لم يمكنه الاجتهاد في الصلاة أتمها ولم يلتفت الى شكه ، فإذا فرغ
استأنف الاجتهاد ، وهو لا يخلو من وجه إن لم يكن الأقوى ، لكن لا ريب أن الأحوط
الإتمام ثم الاستئناف بعد تجديد الاجتهاد.
هذا كله ان تجدد
شك وإلا يتجدد شك بنى على اجتهاده الأول قطعا ، إذا فرض العلم بعدم تغير الامارات
وعدم حدوث غيرها ، وإذ احتمال التعبدية مقطوع بعدمه ، أما إذا علم تغيرها أو حدوث
غيرها وجب عليه التجديد وان لم يزل ظنه السابق ، لعدم صدق بذل تمام جهده في هذا
الحال لو اقتصر على الأول ، ولأن الاجتهاد الثاني ان وافق الأول تأكد الظن ، وطلب
الأقوى واجب ، وان خالفه عدل الى مقتضاه ، لأنه لا يكون إلا لأمارة أقوى ، فهو
أبدا متوقع لظن أقوى ، بل مال في كشف اللثام الى ذلك لو احتمل الحدوث أو التغير
فضلا عن الظن والعلم لعين ما عرفت ، وقد تبع بذلك الشيخ في المبسوط ، قال فيما حكي
عنه : يجب على الإنسان أن يتتبع أمارات القبلة كل ما أراد الصلاة عند كل صلاة ،
اللهم إلا أن يكون قد علم أن القبلة في جهة يعينها أو ظن ذلك بأمارات صحيحة ثم علم
أنها لم تتغير جاز حينئذ التوجه