ثم اتصلت
بالمجهولين والانقطاع ، فمن أخذ بها لم يكن مخطأ بعد أن يعلم أن الأصل هو النهي ،
وإن الإطلاق هو رخصة ، والرخصة رحمة ، بل ربما استظهر منه صحة الخبر عنده ، ولعله
لوجوده في الأصول المعتمدة التي من المعلوم قصد مصنفيها العمل بما يودعونه فيها لا
أن مرادهم الجمع كما هو ظاهر قصد بعض من تأخر عنهم ، وعبارته ظاهرة في إرادة
الجواز اختيارا من الرخصة لا المتعارف منها عند المصنفين ، وهي الاذن في المحرم
للضرورة ، فيكون المراد حينئذ الجواز مع الاضطرار ولو بوضع أحد لها قهرا عليه.
وثانيا أنا لم نقف
إلا على الأخبار السابقة ، وليس النهي عن الصلاة إلا في الموثق منها والتوقيع لخصوص
من كان من أولاد عبدة النيران ، فما ذكره من الأخبار الكثيرة لم نتحققه ، فلا ريب
حينئذ في الكراهة ، وليس في شيء من النصوص هنا ولا الفتاوى ارتفاع الكراهة أو
تخفيفها ببعد العشرة أو القلنسوة ونحوها من الحائل ، مع احتمال الثاني منهما هنا
بناء على التقريب الذي ذكرنا سابقا ، بل ربما كان في التعليل في خبر الهمداني
إيماء إليه ، إذ الظاهر أن المراد منه بقرينة ما وقع [١] للكاظم عليهالسلام مع أبي حنيفة كما
تسمعه إن شاء الله في أخبار السترة التعريض في الرد على العامة بذلك وأنه مع
أقربية الله للمصلي من كل شيء ، لأنه أقرب إليه من حبل الوريد تكون الصلاة له.
فلا ريب حينئذ في
ظهوره في رفع نسبة صورة الصلاة إلى النار مثلا بوجود ما هو أقرب منها من الحائل [٢] وإن لم يكن ساترا
، بل قد يحتمل الاجتزاء بالعشرة أذرع أيضا بناء على أن المراد بهذا التحديد فيما
ورد [٣] فيه الكشف عن أول
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١١ ـ من أبواب مكان المصلي ـ الحديث ١١.
[٢] هكذا في النسخة
الأصلية المسودة وهو الصحيح لأن لفظة « من » بيان للموصول في قوله : « ما هو أقرب
».
[٣] الوسائل ـ الباب
ـ ٢٥ ـ من أبواب مكان المصلي ـ الحديث ٥.