لعدم حصول اليقين
له ببذل تمام الجهد حتى يضيق الوقت ، اللهم إلا أن يدعى تحقق مصداق عرفي لإطلاق
العبارة المزبورة بدون ذلك ، فالمتجه حينئذ دوران الأمر عليه ، وهو الأقوى في
النظر ، فتأمل ، والله أعلم.
ويعول على قبلة
البلد بلاد المسلمين إذا لم يعلم انها بنيت على الغلط إجماعا في التذكرة والمحكي
عن كشف الالتباس معتضدا بالتتبع لكلمات الأصحاب ، وبالسيرة القطعية في جميع
الأعصار والأمصار ، وبان استمرار عملهم من أقوى العلامات المفيدة للقبلة ، ومنها
المحاريب المنصوبة في جوارهم التي يغلب مرورهم عليها ، أو في قرية صغيرة نشأت قرون
منهم فيها ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون متمكنا من مراعاة الأمارات الشرعية أولا ،
بل وسواء كان متمكنا من العلم بالجهة كما إذا كان فيها محراب معصوم أو لا ، فما في
المنتهى من أن البصير في الحضر يتبع قبلة أهل البلد إذا لم يكن متمكنا من العلم لا
يخلو من نظر إن لم يرد ما ذكرنا ، نعم قد يتأمل في المظنون بناؤها على ذلك وإن كان
الإجماع المحكي مطلقا ، إلا أن المتيقن منه كالسيرة المزبورة غير الصورة المذكورة
، ولعله لذا قال في المبسوط : « إذا دخل غريب إلى بلد جاز أن يصلي إلى قبلة البلد
إذا غلب في ظنه صحتها ، فإذا غلب على ظنه أنها غير صحيحة وجب أن يجتهد ويرجع إلى
الأمارات الدالة على القبلة » ونحوه عن المهذب ، اللهم إلا أن يريد بغلبة الظن
العلم ، أو يريد الأصحاب العكس ، فيتفق الجميع حينئذ ، ولعل الأول أولى ، لتصريح
غير واحد من الأصحاب ، بل لا يعرف فيه خلاف بينهم أنه لا يجوز العمل على الاجتهاد
فيها جهة ، بل في الذكرى وجامع المقاصد القطع بذلك ، وهو منهما كالإجماع ، وليس
ذاك إلا لعدم العبرة بهذا الظن الحاصل من الاجتهاد في مقابلة فعل المسلمين على
مرور الأعصار ، ولو كان ظن الغلط معتبرا لوجب التعويل على اجتهاده المزبور لا عدمه
، لكن في كشف اللثام بعد أن حكى عن الذكرى أنه لا يجوز الاجتهاد في الجهة قطعا