بيان الحكم ،
ويرجع في موضوعه إلى الطرق المعروفة في تحصيله ، مع أن النصوص هنا غير خالية عن
ذلك كما ستعرف ، بل لعل جل العلامات المنصوبة مستفادة منها ولو بالمقايسة للمنصوص
فيها ، كما يعرف عموم التعرف بالجدي لسائر الأصقاع بالمقايسة للثابت فيها من كونه
علامة للعراقي ، والضعف والإرسال هنا غير قادح بعد الانجبار بالفتاوى ، وبالموافقة
للقواعد البرهانية ، وتوجه أهل مسجد قبا ـ مع إمكان وجود العارف الخبير الممارس
فيهم ، بل الغالب فيهم فطنة ذلك ، لكثرة أسفارهم ، وقرب الكعبة منهم ، وكثرة
ترددهم إليها ـ انما كان لأن تكليفهم في ذلك الوقت ليس إلا ذلك ، إذ الفرض أنهم في
أثناء الصلاة ، فيلزمهم حينئذ الرجوع إلى الجهة العرفية مع فرض تعذر الامارة
الشرعية كما صرح به العلامة الطباطبائي في منظومته بقوله :
ويكتفي بالجهة
العرفية
من فقد الأمارة
الشرعية
وسهولة الملة
وسماحتها لا تقتضي التساهل في أحكامها المستفادة من خطاباتها التي مدار التكليف
عليها ، فان ذلك في الحقيقة تسامح وتساهل فيها والعياذ بالله لا أنها هي سمحة سهلة
، وقد عرفت أن العقل والنقل يقتضي استقبال الجهة بالمعنى الذي ذكرناه ، وهو
المصداق العرفي الحقيقي لا التسامحي للآية التي مرجعها إلى صدق استقبال الكعبة كما
أوضحناه سابقا ، ونصوص ما بين المشرق والمغرب ما كان منها قابلا لإرادة الموافق لوضع
الجدي علامة كما ستعرفه ممن جعل ذلك من جملة العلامات لا دلالة فيه على التوسعة ،
وما كان منها ظاهرا أو صريحا في إرادة التوسعة بجعل أي جزء منه قبلة مراد منه
تحديد القبلة في جميع الأحوال ، أو يراد منه خصوص المخطئ والمتحير كما هو صريح أو
ظاهر بعضها ، بل قوله فيها : « قبلة » الظاهر في إرادة التنزيل كالصريح في كون
القبلة غيره ، وإلا كانت مخالفة للضرورة من المذهب ، فضلا عن باقي الأدلة القطعية
والظنية نصا وظاهرا بحيث لا يحتاج من له أدنى دراية إلى جمعها وتنقيحها ، وكان
إطناب الأستاذ