لكن وإن صدق
استقبال العين للبعيد بذلك الاستقبال الصوري إلا أنه لا يتوقف على الموازاة
المزبورة ، بل الظاهر تحققه وإن لم يعلم ، بل وإن علم العدم ، وبه يظهر الفرق بين
العين والجهة كما تسمعه محررا إن شاء الله ، هذا. وإن أبيت عن قبول كلامهم لشيء
مما ذكرنا فلا ريب في قبول النصوص الاحتمال المزبور ، خصوصا مع معارضتها بما عرفت
من النصوص ، بل الضرورة ، على أنها بنفس هذا اللفظ مروية من طرق العامة ، وإلى بعض
ذلك أشار العلامة الطباطبائي بقوله :
وقيل بل يستقبل
النائي الحرم
ومن به فالمسجد
الحرام أم
ومن به فالبيت
للرواية
وأولت للنص
والدراية
ومن ذلك كله تعرف
ما في إجماع الشيخ ، إذ هو في مفروض الثمرتين مقطوع بعدمه أو مظنون ، والآية [١] إن لم تدل على
المختار فلا تدل على عدمه ، ضرورة صراحتها أو ظهورها في جهة المسجد وناحيته مما هو
مخالف لوجوب استقبال عين الحرم الذي هو مذهب الخصم في مثل مورد الآية ، نعم قد
يقضي عموم الآية باستقبال جهة المسجد وإن تمكن من مشاهدة الكعبة ، ومن هنا قال في
المدارك بعد أن حكي عن المعتبر إجماع العلماء كافة على استقبال العين للقريب : إنه
إن تم كان هو الحجة ، وإلا أمكن المناقشة فيه ، إذ الآية الشريفة انما تدل على
وجوب استقبال شطر المسجد ، والروايات خالية من هذا التفصيل.
لكن قد يقال : إن
المراد من الآية تعميم أماكن البعيد ، لمعلومية الحال في القريب ، ولو قيل بإرادة
الكعبة من المسجد الحرام ولو بمعونة ما عرفت لم يرد عليه شيء من ذلك ، أما لو
أريد من الشطر الجانب فمعلوم أيضا إرادة جهته في نحو مفروض الآية من البعيد ، وقد
عرفت اتحاد جهته مع جهة الكعبة ، وبالنسبة إلى القريب يمكن