على الفضل
والاستحباب ، بل أقصاها الدلالة على الجواز ، بل في بعضها ظهور في أن هذه الكيفية
من أداء الظهرين لم تكن معروفة في الزمن السابق لا من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا من الصحابة
والتابعين ، وما يحكى عن المصنف ـ في جواب تلميذه يوسف ابن حاتم الشامي لما سأله
أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إن كان يجمع بين الصلاتين فلا حاجة إلى الأذان للثانية ، إذ هو للاعلام ، وللخبر
[١] المتضمن انه عند الجمع بين الصلاتين يسقط الأذان ، وإن كان يفرق فلم ندبتم
إلى الجمع وجعلتموه أفضل ، من أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يجمع تارة ، ويفرق أخرى ، وان الجمع يستحب عندنا مع
الإتيان بالنوافل ، لأنه مبادرة إلى تفريق من الفرض ـ لم نتحققه ، بل المعروف من
غالب أحوال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم التفريق.
ولقد أجاد الأستاذ
الأكبر في حاشية المدارك حيث قال : وإذا كانت المبادرة مستحبة فلا وجه لاختيار
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في بعض الأوقات التفريق مع انه مشقة ظاهرة منضمة إلى ترك فضيلة ، وجواز
التفريق المرجوح حينئذ يتأتى بالقول ، كيف وغالب الأوقات كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يفرق ، وما كان
يجمع إلا نادرا كما يظهر من الأخبار ويعضدها الاعتبار الحاصل من الآثار ، قلت :
ومنه يعلم حال ما في المدارك لما حكى عن الذكرى الجزم باستحباب التفريق بين
الفرضين ، لأنه معلوم من حاله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولأنه كما علم من مذهب الإمامية جواز الجمع بين الصلاتين
مطلقا علم منه استحباب التفريق بشهادة النصوص والمصنفات ، ثم استحسنه إلا أنه قال :
يتحقق التفريق بتعقيب الظهر وفعل نافلة العصر ، إذ هو كما ترى بعيد عن النصوص
والمصنفات ، بل بعض منها لا يقبل ذلك كما اعترف به الأستاذ الأكبر في الحاشية
المزبورة أيضا ، بل هو غير خفي على كل من له أدنى درية ومعرفة بحال السلف
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٣٢ ـ من أبواب المواقيت ـ الحديث ١ و ١١ من كتاب الصلاة.