وضع مقياس في
الأرض بأي طور كان ، والأولى فيه ما سمعته في الخبر ، ثم يخط على آخر ظله وينتظر
هل ينقص أو يزيد ، فان نقص لم تزل حتى يأخذ بالزيادة ، نعم عن الروض تقييد الظل
بالمبسوط ليخرج الظل المنكوس ، قال : « وهو المأخوذ من المقاييس الموازية للأفق ،
فإن زيادته تحصل في أول النهار وتنتهي عند انتهاء نقص المبسوط ، فهو ضده ، فلا بد
من الاحتراز عنه » إلى آخره. وكأنه لمعلوميته ترك التقييد لإخراجه نصا وفتوى ، لكن
من المعلوم ان الزوال ليس عبارة عن هذه الزيادة والحدوث ، إذ هو ميل الشمس عن
دائرة نصف النهار إلى جهة المغرب ، وهما في الظل ، فإطلاق الزوال عليهما توسع باعتبار
دلالتهما عليه واستلزامهما له التي لا ينبغي الشك فيها ، ضرورة العلم بتحققه
بتحققهما. أما أنهما يدلان على ابتدائية الزوال بحيث لم يتحقق قبل ذلك فقد يناقش
فيها ، بل في المقاصد العلية أن تحقق الزيادة بعد انتهاء النقصان لا يظهر إلا بعد
مضي نحو ساعة من أول الوقت ، ومن هنا قيل : إن الأولى من ذلك في معرفته استخراج خط
نصف النهار على سطح الأرض بنحو الدائرة الهندية [١] التي نص عليها
غير واحد من الأصحاب أو الأسطرلاب ، فإذا وصل ظل الشاخص اليه كانت الشمس على دائرة
نصف النهار لم تزل بعد ، فإذا خرج الظل عنه إلى جهة المشرق فقد تحقق زوالها ، وهو
ميلها عن تلك الدائرة إلى جهة المغرب ، وكيفية الأولى أن تساوي موضعا من الأرض
مثلا بحيث يكون خاليا من الارتفاع والانخفاض ، وتدير عليه دائرة بأي بعد شئت ،
وتنصب على مركزها مقياسا مخروطا محدد الرأس ، يكون طوله قدر ربع الدائرة تقريبا
نصبا مستقيما بحيث يحدث عن جوانبه زوايا قوائم ، ويعرف ذلك بأن يقدر ما بين رأس
المقياس ومحيط الدائرة من ثلاثة مواضع ، فان تساوت الأبعاد فهو عمود ، ثم تنتظر
وصول رأس الظل إلى محيط الدائرة يريد الدخول فيها فتعلم عليه