وأما ما عن مختصر
ابن الجنيد ـ من أنه لو تجنب من أكل ما صنعه أهل الكتاب من ذبائحهم وفي آنيتهم ،
وكذلك ما وضع في أواني مستحل الميتة ومؤاكلتهم ما لم يتيقن طهارة أوانيهم وأيديهم
كان أحوط ـ فهو ـ مع عدم صراحته أيضا بل ولا ظهوره عند التأمل ـ غير قادح فيما
ذكرنا بعد مرفوضية أقواله عندنا ، لما قيل من عمله بالقياس ، كالمحكي عن ابن أبي
عقيل من عدم نجاسة سؤر اليهود والنصارى ، مع أنه لعله لعدم نجاسة القليل عنده
بالملاقاة ، إذ السؤر عند الفقهاء على ما قيل الماء القليل الذي لاقاه فم حيوان أو
جسمه ، بل قد يشعر تخصيصه عدم النجاسة بالسؤر بموافقته فيها في غيره ، فلا خلاف
حينئذ يعتد به بيننا في الحكم المزبور ، بل لعله من ضروريات مذهبنا.
ولقد أجاد الأستاذ
الأكبر بقوله : « إن ذلك شعار الشيعة ، يعرفه منهم علماء العامة وعوامهم ونساؤهم
وصبيانهم ، بل وأهل الكتاب فضلا عن الخاصة ».
ويدل عليه مضافا
إلى ذلك قوله تعالى [١]( إِنَّمَا
الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) المتمم دلالتها ـ حيث تضمنت لفظ النجس الذي لم يعلم إرادة
المعنى الاصطلاحي منه ، أو اختصت بالمشرك ـ بظهور إرادة الاصطلاحي هنا ولو
بالقرائن الكثيرة التي منها تفريع عدم قربهم المساجد الذي لا يتجه إلا عليه ، على
أن النجاسة اللغوية مع منع تحققها في المترفين منهم ليست من الوظائف الربانية ،
واحتمال إرادة الخبث الباطني من النجاسة ـ كما اختاره بعض الناس ممن لا نصيب له في
مذاق الفقه تبعا للعامة العمياء ـ ضروري الفساد ، مع أنها ليست من المعاني
المعهودة المعروفة للفظ النجاسة.
وبعدم القول
بالفصل بين المشرك وغيره منهم ، كالمحكي في الغنية والرياض إن لم نقل بتعارف مطلق
الكافر من المشرك ، أو لما يشمل اليهود والنصارى ، لقوله تعالى [٢] : « ( وَقالَتِ
الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ) ـ إلى قوله تعالى : ـ ( عَمّا يُشْرِكُونَ ) » ولما يشعر به