التطهير كما قيل
مثله في غسالة الماء القليل كذلك لا يخلو من نظر ، لما عرفت من كون الوجه غير ذلك
أولا ، وللفرق بين المقامين ثانيا ، إذ أقصى ما يمكن تسليمه عدم ضرر نجاسة نفس
الأرض بنفس الإزالة كما في الاستنجاء بالحجر ، لا الرطوبة الكائنة على الأرض من
ماء ونحوه القاضية بنجاسة المطهر والمطهر بسبب ملاقاتها للنجاسة ، كما هو واضح ،
بل لعل ذلك كاف في إثبات المطلوب فضلا عما تقدم.
بل يمكن تنزيل
كلام من لم يعتبر الجفاف على إرادة الاكتفاء بالأرض الرطبة رطوبة غير متعدية لا
المتعدية ، كما قد يومي اليه ما عن نهاية الفاضل التي هي الأصل في هذا الخلاف من
أن الأقرب عدم الطهارة لو وطأ وحلا ، بل وكذا روضة الثاني ، وإن كان بعيدا فيها ،
فتأمل. فيكون النزاع حينئذ لفظيا ، إذ المراد بالجفاف عند من اعتبره عدم التعدي لا
عدم النداوة أصلا ، فالطهارة بالفرض المذكور متفق عليه بين الفريقين كما اعترف به
في الروض ، كما أن عدمها في ذي الرطوبة المتعدية كذلك ، بناء على التنزيل المذكور
الذي يشهد له استبعاد حصول الطهارة مع تلك الرطوبة المتعدية اللهم إلا أن يريدوا
بذلك زوال النجاسة السابقة عن القدم وان تنجس بالرطوبة اللاحقة ، فتأمل جيدا.
ثم المدار في
التطهير بالأرض على زوال العين قطعا ، وهل يعتبر زوال الأثر أيضا كما صرح به في
جامع المقاصد ومنظومة الطباطبائي أولا كما في كشف الأستاذ؟ وجهان ينشئان من الأصل
وقول أبي جعفر في صحيح زرارة [١] المتقدم : « يمسحها حتى يذهب أثرها » ومعروفية توقف تطهير
النجاسات على إزالة آثارها ، على أن المراد بالأثر هنا هو الأجزاء الصغار التي
تبقى ملتصقة من عين النجاسة ، فيدل على وجوب إزالتها حينئذ ما دل على وجوب إزالة
أصل العين
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٣٢ ـ من أبواب النجاسات ـ الحديث ٧.