طهارة التراب ،
انما ذكروا الإجماع ، نعم استدل به بعض المتأخرين وتنظر فيه ، فليت شعري أين
مصداقه الذي افتخر صلىاللهعليهوآلهوسلم به ـ إلى أن قال ـ : ما هذا إلا غفلة تبع فيها المتأخر
المتقدم ».
قلت : لعلهم تركوا
الاستدلال به هنا أولا لما عرفت في أول الكتاب من مجازية الطهارة في إزالة الخبث
شرعا ، وانه إن كان حقيقة فهو عند المتشرعة ، فارادة المعنيين منه حينئذ هنا
ممنوعة أو موقوف على القرينة ، بل وكذا إن قلنا باشتراكه لفظا بين رفع الحدث
والخبث ، على أنه قد يدعى ظهوره في إرادة الحدث هنا بقرينة المسجد ، وثانيا بعد
التسليم لا دلالة فيه على الاشتراط كما هو واضح بعد التأمل ، خصوصا إن قلنا إن
المراد منه جعلت لي الأرض طاهرة مطهرة ، فيكون مساقا لبيان أصل خلقة الأرض كذلك ،
فتأمل.
وفي اعتبار جفاف
الأرض في التطهير وعدمه وجهان بل قولان ، أحوطهما أقواهما وفاقا للإسكافي
والثانيين في الجامع والمسالك وغيرهم ، وخلافا لنهاية الفاضل وروضة الثاني وذخيرة
الخراساني ورياض المعاصر ، للأصل وما يشعر به بل يدل عليه حسن المعلى بإبراهيم ،
وصحيح الحلبي المروي في مستطرفات السرائر المتقدمان سابقا ، بل وغيرهما أيضا باعتبار
تعارف المسح والإزالة بالجفاف في الاستنجاء وغيره ، فالاطلاقات حينئذ بنفسها يمكن
انصرافها إلى ذلك فضلا عن ملاحظة المعتبرين السابقين.
فما في الرياض من
أن الأقوى عدم اشتراط الجفاف ، لقصور سند الخبرين مع عدم الجابر عن إطلاق أكثر
النصوص والفتاوى لا يخلو من نظر ، سيما دعواه القصور ، ضرورة صحة الخبرين بناء على
الظنون الاجتهادية.
كما أن ما في مجمع
البرهان من أنه لم يظهر وجه لاعتبار الجفاف إلا تخيل نجاسة الأرض ، وهو غير ضار
كرطوبة النجاسة ، إذ الضار سبق النجاسة لا الحاصلة بنفس