ولعلها لا تنافيها
لا للعلم لكونه مسكرا بل لأن احتمال ذلك فيه كاف في عدم المنافاة ، ودعوى العلم ـ بعدم
الإسكار حتى بالكثير منه ولو لبعض الأمزجة ، بناء على الاكتفاء به فينا فيها حينئذ
ـ فرية بينة ، إذ من اختبر ذلك فوجد خلافه.
لأنا نقول : لا
دلالة في الحرمة على الإسكار ، لكونها أعم منه كما هو واضح ، كوضوح قصور هذه
الأخبار عن إفادة أصل الحرمة أيضا بحيث يخرج بها عن تلك الأصول والعمومات وغيرها
المعتضدة بما عرفت ، سيما بعد ابتناء دلالة الصحيح وغيره على تناول لفظ العصير لغة
أو شرعا للمستخرج من نحو التمر والزبيب ، وهو محل بحث.
بل بالغ المحدث
البحراني في حدائقه بإنكاره ، فقال : إن اللغة والشرع والعرف على خلافه إنما يسمى
التمر والزبيب نبيذا ونقيعا مستظهرا ذلك من المصباح المنير ونهاية ابن الأثير
والقاموس ومجمع البحرين في مادة عصر ونقع ونبذ ، ومن نحو قول الصادق عليهالسلام في الصحيح [١] قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الخمر من خمسة : العصير من الكرم ، والنقيع من الزبيب ،
والتبع من العسل ، والمرز من الشعير ، والنبيذ من التمر » إلى آخره. والأخبار [٢] الواردة في علة
الحرمة بعد الغليان قبل ذهاب الثلثين الواردة في خصوص العنب ، ومن شهادة العرف
بعدم صدق العصير إلا على الأجسام التي فيها مائية لاستخراج مائها كالعنب والرمان
ونحوهما ، بخلاف الأجسام الصلبة التي فيها حلاوة وحموضة وأريد استخراجهما منها
بنبذها في الماء ونقعها كما هو المعروف في الصدر الأول أو بغليانها في النار.
وهو وإن أمكن
مناقشته في جميع ذلك لكن الإنصاف أنه إن لم يكن حقيقة
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١ ـ من أبواب الأشربة المحرمة ـ الحديث ١.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ٢ ـ من أبواب الأشربة المحرمة.