وهو من غرائب
الكلام ، إذ لم نعرف أحدا قال أو احتمل تقديم مراعاة إزالة النجاسة أو الساتر أو
القبلة أو نحوها على وجوب أداء الصلاة في الوقت المعلوم كتابا وسنة بل ضرورة ، بل
الإجماع على خلافه كما اعترف به في الحدائق ، بل الضرورة في غيرها ، ولا تقاس على
فاقد الطهورين أو من ضاق عليه الوقت من المائية ، على أنك قد عرفت التحقيق في
الثاني ، وأما إشكاله توجيه الذكرى بالإطلاق ففيه أنه غير منصرف إلى مثله من
الأفراد النادرة قطعا.
نعم قد يرد على
التوجيه المذكور عدم استلزامه القضاء ، أو عدم البأس به بناء على القول بعدم
معذورية الجاهل مطلقا أو في الوقت ، ضرورة كونه حينئذ كالناسي الذاكر في الأثناء
الذي تقدم البحث فيه.
فالأوجه حينئذ
توجيه الاستمرار وعدم الاستيناف بعدم مقتضي الفساد بناء على المختار من معذورية
الجاهل في الوقت وخارجه ، لا بالاستلزام المذكور ، ولعله يريد به ذلك ، فتأمل جيدا
، والله أعلم.
والمحمول بناء على
اشتراط طهارته كالساتر مع الجهل قطعا على المختار من معذوريته فيه ، لأولويته منه
، أما على غير المختار فيشكل مساواته له في عدم العذر حينئذ باختصاص النصوص به
دونه ، لكن قد يدفع بأنه وإن كان ظاهر النصوص الاختصاص إلا أن عدم المعذورية مقتضى
أصالة انتفاء المشروط بانتفاء شرطه ، فيساويه حينئذ لذلك دونها.
ومنه يعلم الحكم
في الناسي ، ولعله لذا استغنى الأصحاب عن التعرض له بذكر حكم الساتر ، إلحاقا به
في جميع ما تقدم من صور الجهل والنسيان ، وإن كان بعضها لا يخلو من نظر.