وكيف كان فلو تعارض الخبران أو البينتان على وجه
يكون نافيهما كالمثبت في طهارة شيء ونجاسة ثوب أو إناء أو غيرهما ففي ترجيح
الأولى بالأصل أو الثانية بالنقل ، وبإطلاق دليل قبولها من الخبرين السابقين
وغيرهما وعدمه ، فيتساقطان ، ويستوي في الحكم مع الأول أو يحكمان ويكون كالمشتبه ،
فيستوي في الحكم من التطهر به ونحوه مع الثاني أوجه بل أقوال ، لا يخلو ثالثها من
قوة.
وأما احتمال
الترجيح لأحد الخبرين بالأوثقية ونحوها من مرجحات الرواية فلم أعرف أحدا احتمله ،
ولعله لعدم الدليل على اعتبارها هنا أو لفرض التساوي ، أما لو تعارضا في شيئين
كالانائين ونحوهما فالمتجه جريان الأقوال الأربعة السابقة ، إلا أني لم أعرف من
جزم بالنجاسة هنا وان كان وجهه الأخذ بإثبات كل منهما نجاسة كل منهما دون النفي.
بل قد يظهر من
جامع المقاصد وجود قائل بذلك ، لكن ضعفه باتفاقهما على طهارة واحد ، كما انه ضعف
القول بطهارتهما ـ المحكي عن الخلاف والمبسوط والمختلف ، لتساقطهما بالمعارضة في
كل من الإنائين ، فيرجع إلى الأصل السابق ، أو لترجيح بنية الطهارة بالأصل ـ بأنه
انما تعارضا في تعيين النجس لا في حصول النجاسة المتفق عليها عندهما.
وفيه ان العلم
يحصل لو لم يختلفا بالمشهود به ، وإلا فبعد الاختلاف كان كل واحد من الإنائين
كالإناء المتحد الذي تعارض فيه البينتان ، وقد عرفت أن الأقوى فيه الطهارة ،
فالقول بها هنا حينئذ قوي كما في كشف اللثام ، كما أن إلحاقهما بالمشتبه كما في
القواعد والتذكرة وجامع المقاصد وعن السرائر والمعتبر والتحرير لا يخلو من وجه ،
لارتفاع أصل الطهارة بالشهادة على النجاسة مع تعارض البينتين في مفاديهما ، فان
كلا منهما يفيد نجاسة إناء وطهارة الآخر ، وهو يعطي الاشتباه ، ولأنهما جميعا
يثبتان نجاسة ما فيهما ، فيجب اجتنابهما ، وذلك حكم المشتبه ، ولا يدفع إحداهما
قبول الأخرى ،