عصير العنب : «
وهل الحكم بتحريم العصير قبل ذهاب ثلثيه تعبد محض ، أو معلل بالاسكار الخفي المسبب
عن الغليان ، أو بعروض التغير له إذا بقي وطال مكثه؟ احتمالات أوسطها الأوسط ، وقد
بان لك وجهه مما مضى ، ويأتي تحقيق ذلك إن شاء الله » انتهى.
قلت : ويزيده
تأييدا وتأكيدا أنه قد استفاضت الروايات [١] بل كادت تكون متواترة بتعليق الحرمة في النبيذ وغيره على
الإسكار ، وعدمها على عدمه ، مع استفاضة الروايات [٢] بحرمة عصير العنب
إذا غلى قبل ذهاب الثلثين ، وحملها على التخصيص ليس بأولى من حملها على تحقق
الإسكار فيه ، بل هو أولى لأصالة عدم التجوز ، بل لعله متعين لعدم القرينة ، بل قد
يقطع به لعدم ظهور شيء من روايات الحرمة في خروج ذلك عن تلك الكلية بل ولا إشارة.
ودعوى شهادة
الوجدان بعدم الإسكار فيجب التخصيص ممنوعة أشد المنع ، إذ من جرب ذلك فوجد خلافه
ولو بالكثير منه خصوصا مع الاكتفاء به ولو بالنسبة إلى بعض الأمزجة في بعض الأمكنة
والأزمنة والأهوية حتى الخفي منه ، كلا أن دعوى ذلك فرية بينة.
ومن ذلك كله يظهر
لك إمكان منع دعوى فرض النزاع في معلوم عدم الإسكار ، نعم هو ليس فيما علم تحقق
الإسكار فيه ، انما النزاع في العصير العنبي من غير تقييد ، إذ لعل وصف الإسكار
لازم له ولو بالكثير منه ، فلو فرض البحث في فاقده كان نزاعا في موضوع وهمي لا
يليق بالفقيه ، فالإنصاف انه لا علم للقائلين بالطهارة بعدم إسكاره حتى الكثير منه
، كما انه لا علم للقائلين بالنجاسة بإسكاره ولو بالكثير منه ، لعدم تعارف شرب
مثله للسكر ، اللهم إلا أن يستفيدوا من نجاسته ذلك بدعوى التلازم ، أو ظهور الدخول
في الخمر ، أو غير ذلك.
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١٧ ـ من أبواب الأشربة المحرمة.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ٢ ـ من أبواب الأشربة المحرمة.