المولعين بشربها
المتهالكين عليه ، حتى انهم ربما حاولوا دفع التحريم عنه كما يشير اليه حديث
المهدي العباسي [١] مع الكاظم عليهالسلام والتظاهر بنجاستها تقذير عليهم وتنجيس لهم بشربها
ومزاولتها ، بل ربما نقل عن بعضهم انه كان يؤم الناس وهو سكران فضلا عن تلوثه
وثيابه بها ، على ان الرمي بالنجاسة من أشد ما يكره على الطبع وأعظم ما يرد على
النفس ، ولا كذلك التحريم ، خصوصا بالقياس إلى السلاطين الذين لا يتحاشون عن
المحرمات ، واشتهار الفتوى بالنجاسة بين علمائهم لا ينافي ذلك ، إذ لم يكن عليهم
فيه تقية ، بل كانوا يتظاهرون بخلاف ما هم عليه ، ويجاهدونهم بالرد والكفاح ولا
يراقبونهم في ذلك ، بل كان ذو الشوكة منهم يتحمله ولا يبالي به ، لعلمه بأن ذلك لا
يحدث فتقا في سلطانه ، ولا يهدم ركنا في بنيانه ، إذ لم يكن فيهم من يرشح نفسه
للإمامة والخلافة الكبرى والرئاسة العظمى انما كانت التقية على أئمة الحق (ع)
المحسودين للخلق ، وهم الذين لا يدانيهم في الفضل أحد ، والذين ورد عليهم من حسد
أئمة الجور ما قد ورد.
فما توهمه بعض
الفضلاء ـ من أن تقية السلاطين لو اقتضت الحكم بالطهارة لكان أولى الناس بها فقهاء
العامة ، لشدة مخالطتهم إياهم وعكوفهم لديهم ، مع أن معظمهم على النجاسة ـ في غير
محله كما عرفت.
ثم انه قد يتوهم
من إطلاق المتن كالقواعد والإرشاد والدروس وعن المبسوط وغيره نجاسة الجامد أصالة
من المسكر ، لكن صريح جماعة وظاهر آخرين الطهارة ، بل في المدارك القطع بها ،
وموضع من شرح الدروس عدم ظهور خلاف بين الأصحاب في ذلك ، بل في آخر والحدائق
الظاهر اتفاقهم عليها ، كنسبة الذخيرة تخصيص النجاسة بالمائع أصالة إلى الأصحاب ،
بل عن الدلائل دعوى الإجماع صريحا على طهارة الجامد.
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٩ ـ من أبواب الأشربة المحرمة ـ الحديث ١٣.