مع خلو أكثر كتب
الحديث عنها وقلة العامل بها وانقراضه لا تقطع الأصل ، ولا تحكم على غيرها من
الأخبار [١] التي حصرت الواجب في غيره ، وخصوصا مع شهرة الندب ، بل
إطباق المتأخرين عليه كما قيل ، بل في الغنية الإجماع عليه ، وعن ظاهر السرائر عدم
الخلاف فيه عند ذكره اختلاف الأصحاب في أنواع الغسل الواجب ، وكفى بذلك دليلا على
الندب ، وعلى تنزيل الرواية عليه بإرادة الواجب فيها المتأكد سيما مع التسامح في
المستحب ، لكنه لا تقييد فيها بالثلاث ، إلا أنه ذكره غير واحد من الأصحاب ، بل
نسبه في المصابيح إليهم عدا الصدوق والمفيد ، كما أنه قيد به في معقد إجماع الغنية
، ولعل ذا كاف في تقييد النص ، مضافا إلى ما قيل من أن الصلب شرعا لتفضيح المصلوب
واعتبار الناس ، فكان النظر إليه في المدة المضروبة لصلبه وهي ثلاثة أيام بالنص
والإجماع جائزا بل مطلوبا للشارع ، فلا يترتب عليه عقوبة ، وقد صرح في النص [٢] بأن الغسل عقوبة
على النظر ، فوجب تخصيصه بالنظر الممنوع ، وهو ما كان بعد الثلاث.
قلت : إلا أن ذلك
يقتضي اختصاص التقييد بالمصلوب بحق دون الظلم ، لعدم استحقاقه التفضيح ، لحرمة
صلبه ووجوب إنزاله عن الخشبة مع التمكن منه مطلقا ، فهو في الثلاثة مساو للمصلوب
بحق بعدها ، فالمتجه حينئذ ثبوت الغسل بالسعي إلى رؤياه فيها ، لكنه مناف لإطلاق
المصلوب في كلامهم ، بل عن جامع المقاصد والروضة وفوائد الشرائع ومنهج السداد
والروض والمسالك والفوائد الملية وتعليق الإرشاد التصريح بعموم المصلوب لهما ،
وحمل التقييد بالثلاثة على إرادته بالنسبة إلى إطلاق الغسل ،
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١ ـ من أبواب الأغسال المسنونة.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ١٩ ـ من أبواب الأغسال المسنونة ـ الحديث ٣.