لكن قد يناقش في
ذلك بانقطاع الأصل بما تقدم مما دل على نجاسة الجزء المبان من الحي أو الميت ،
وخصوصا جلد الميتة ، ومنع اقتضاء الحرج طهارة خصوص الجلد أولا ، ومنع حصوله وتحققه
سيما بعد ثبوت طهارة المذكى خاصة والمأخوذ من يد المسلم ثانيا ، كمنع اقتضاء طهارة
المسك ذلك ، إذ ـ مع إمكان تخصيصها في خصوص المذكى ، أو المنفصل في الفأرة من غيره
مع عدم الرطوبة المنجسة له ، وفي المأخوذ من يد المسلم ـ قد يكون ذلك لعدم تعدي
نجاسة جلد الفأرة اليه لا لطهارة الجلد.
ولذا قال في نهاية
الاحكام : « إن المسك طاهر وان قلنا بنجاسة فأرته المأخوذة من الميتة كالإنفحة ،
ولم ينجس بنجاسة الظرف » إلى آخره. وقد أطلق غير واحد حكاية الإجماع على طهارة
المسك ، ثم أعقبه بذكر حكم الفأرة ، وظاهره أيضا بل كاد يكون صريحه طهارة المسك
مطلقا وان قلنا بنجاسة الفأرة.
وأما الصحيح فهو ـ
مع كون التعارض بينه وبين ما دل على النجاسة بالعموم من وجه ، ولم يثبت رجحانه ،
بل لعل الثابت مرجوحيته ، وابتناء دلالته على عدم جواز الصلاة بالمحمول من أجزاء
الميتة أو المبانة من الحي حتى فأرة المسك لو كانت نجسة ، وقد يمنع ، وعلى عدم
ظهور سؤاله في الفأرة التي لم يعلم حالها ـ معارض بمكاتبة عبد الله ابن جعفر [١] إلى أبي محمد عليهالسلام في الصحيح « هل
يجوز للرجل أن يصلي ومعه فأرة مسك؟ فكتب لا بأس به إذا كان ذكيا » فيجب أن ينزل
عليه ، لقاعدة الإطلاق والتقييد.
والمناقشة في
دلالته باحتمال إرادة إذا كانت الفأرة ذكية أي لم تعرض لها نجاسة خارجية كما ترى ،
مع أنه لا يناسبه تذكير الضمير ، كالمناقشة بأن منع استصحابها في الصلاة لا ينحصر
وجهه في النجاسة ، لاندفاعها بعدم القول بالفصل هنا كما قيل ، وبغيره ، فتأمل.
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٤١ ـ من أبواب لباس المصلي ـ الحديث ٢.