قال : بل انما
قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته واعتقد أنه حجة بيني وبين ربي تقدس ذكره
وتعالت قدرته ، فالمسألة قوية الإشكال ، انتهى.
وفيه ـ مع إمكان
المناقشة في جميع ما ذكر حتى ما منعه من المنتهى ، وخصوصا ما سمعته منه في الصحيح
، بل وأخبار الزيت ، مع انه قد اعترف سابقا باستفادة النجاسة من نحو ذلك ، بل ليس
في أكثر النجاسات دليل صريح ـ انك قد عرفت أن المسألة من القطعيات بل الضروريات
التي لا يدانيها مثل هذه التشكيكات ، ولا يقدح فيها خلاف الصدوق ان كان ، ولا ما
أرسله ، على أنه حكى الأستاذ الأكبر في شرح المفاتيح عن جده انه رجع الصدوق عما
ذكره في أول كتابه ، ولذا ذكر فيه كثيرا مما أفتى بخلافه ، وقد يشهد له التتبع
لكتابة ، مع احتمال إرادته بما ذكره أولا معنى آخر ليس ذا محل ذكره ، كما أن مرسلة
ـ مع عدم حجيته في نفسه فضلا عن صلاحيته لمعارضة غيره بل في الذكرى انه شاذ لا
يعارض المتواتر ـ محتمل التقية بإرادة بعد الدبغ ، ولإرادة جلد الميتة مما لا نفس
له كالضب ونحوه ، بل قيل : إنه كان عادة أعراب البوادي جعل جلد الضب عكة للسمن ،
ولعل في قوله في المرسل : « يجعل » إلى آخره إشعارا بذلك باعتبار ظهور إرادة
الاستمرار والاعتياد منه ، ولا رادة ما يقال فيها انها جلود الميتة لا انها كذلك
قطعا نحو ما ورد في الكيمخت [١] وجلود البغال والحمر الأهلية [٢] فيكون نفي البأس
حينئذ لمكان فعل المسلم وتصرفه المحمول على الصحة ، وغير ذلك من الاحتمالات ،
ولعله لذا لم يعرف حكاية خلاف الصدوق في ذلك ، مع أن المحكي عنه في المقنع أصرح
منه في الفقيه حيث قال فيه : « ولا بأس أن يتوضأ من الماء إذا كان في زق من جلد
الميتة » إلا أنه محتمل أيضا بعض ما تقدم وغيره ، بل ربما
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٣٤ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ٧.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ٣٨ ـ من أبواب ما يكتسب به ـ الحديث ٤.