وعن شرح الجمل
لابن البراج غسل الجمعة من السنن المؤكدة عندنا ، ونقل القول بالوجوب عن بعض
العامة ، وظاهره الإجماع ، وكذا التهذيب بل في صريح الغنية وموضعين من الخلاف الإجماع
عليه ، بل في أحدهما نسبة القول بالوجوب إلى أهل الظاهر داود وغيره.
نعم انما عرف ذلك
من المصنف والعلامة ومن تأخر عنهما ، فنسبوا القول بالوجوب إلى الصدوقين ، حيث
قالا : « وغسل الجمعة سنة واجبة فلا تدعه » كما عن الرسالة والمقنع ، ونحوه الفقيه
والهداية لكن مع ذكر رواية الرخصة [١] في تركه النساء في السفر لقلة الماء ، بل والكليني حيث عقد
في الكافي بابا لوجوب ذلك مع احتمال إرادة السنة الأكيدة اللازمة كالأخبار [٢] كما يومي اليه
أنه وقع ما يقرب من ذلك ممن علم أن مذهبه الندب ، مضافا إلى ما عرفته سابقا ، إذ
المتقدمون بعضهم أعرف بلسان بعض ، ويزيده تأييدا بل يعينه ما حكي عن ظاهر الصدوق
في الأمالي من القول بالاستحباب مع نسبته له إلى الإمامية ، ولا ريب أن الكليني
ووالده من أجلاء الإمامية ، مع أنهما عنده بمكانة عظيمة جدا سيما والده ، بل
والكليني أيضا لأنه أستاذه ، هذا على أن قولهما : « سنة واجبة » إن حمل فيه لفظ
السنة على حقيقته في زمانهما ونحوه من الاستحباب كانت عبارتهما أظهر في نفي
الوجوب.
وكيف كان فالمختار
الأول ، وعليه استقر المذهب للأصل والإجماع المحكي بل المحصل ، والسيرة المستمرة
المستقيمة في سائر الأعصار والأمصار ، وكيف ولو وجب لاشتهر اشتهار الشمس في رابعة
النهار لعموم البلوى به حينئذ ، إذ هو أعظم من غسل الجنابة والحيض وغيرهما ،
لملازمة إدراك الجمعة لكل أحد دونهما.
وقول الصادق عليهالسلام في صحيح زرارة [٣] بعد أن سأله عن
غسل يوم
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٦ ـ من أبواب ـ الأغسال المسنونة ـ الحديث ١٧.
[٢] الوسائل ـ الباب
ـ ٦ ـ من أبواب ـ الأغسال المسنونة.
[٣] الوسائل ـ الباب
ـ ٦ ـ من أبواب ـ الأغسال المسنونة ـ الحديث ١٠.