كونه تكليفا على
الجاني لاحقا للولي عليه ، كما هو واضح.
وكيف كان
( فلو عفا الولي على مال لم يسقط القود ، ولم تثبت الدية إلا مع رضا الجاني
) عندنا خلافا لما سمعته من أبي علي من كونه أحد فردي التخيير
الذي يسقط بالإسقاط ويبقى الآخر ، كما عن الشافعي وأحمد وجماعة من العامة
من وجوب
الدية بالعفو وإن لم يرض الجاني.
إنما الكلام في
المراد من العفو على مال الذي اشتهر التعبير به ، فان كان المراد تعليق عفوه على
الدية فلا ريب في بطلانه للتعليق وإن رضي الجاني بذلك ، وإن أريد به الشرطية
الإلزامية في صيغة إنشاء العفو ـ كما هو مقتضى قول المصنف : « ولو عفا » ولم يشترط
ـ فهو مبني على لزوم الشرط في الإيقاع مع رضا المشترط عليه ، وهو لا يخلو من بحث
بل منع إلا في مثل الخلع ونحوه مما ثبت بالأدلة ، ولذا ذكر غير واحد أنه على
المختار لا تثبت الدية إلا صلحا ، بل يمكن في الفرض المزبور حصول العفو وعدم لزوم
الشرط على الجاني وإن كان الأقوى خلافه ، باعتبار اقتران قصد العافي بالمال ولو
على جهة الشرطية الإلزامية ، ولذا قلنا في العقود إن بطل الشرط بطل العقد ، فتأمل
جيدا ، فان مبنى صحة ذلك ولزومه على دعوى استفادته من الأدلة وإن كان لم يحضرنا
منها ما يدل عليه بالخصوص ، نعم قد يقال : إن إطلاق النصوص [١] صحة العفو على
مال ـ المنزل على ما إذا رضي الجاني ـ يدل عليه ، مؤيدا بإطلاق أدلة العفو الشامل
للفرض وغيره.
( ولو عفا ولم يشترط المال سقط القود ،
ولم تثبت الدية ) عندنا لما عرفته
من أن الواجب القصاص ، فمع فرض سقوطه من دون اشتراط للمال لم يجب بعد شيء ، رضي
الجاني أو لم يرض ، أطلق العفو أو صرح
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١٩ ـ من أبواب القصاص في النفس.