ومن ذلك يعلم أنه
لا حكم لنكولهما إلا اللوث بناء على ترتبه عليه ، وكذا لو كان الناكل أحدهما خاصة
فحلف المدعي أن القاتل أحدها ، بل لو أقر بأن القاتل واحد منا ولا نعلمه بعينه ،
لأن كل واحد منا رماه ببندقة مثلا ولم تصبه إلا واحدة منها لا نعلمها أو قامت بينة
بذلك لم يجب قصاص ولا دية ، وفرق واضح بين المقام وبين قيام بينتين على شخصين الذي
قيل فيه : إنهم ذكروا توزيع الدية عليهما عملا بالبينة ، ضرورة اقتضاء كل منهما
وجوبها على معين ولا ترجيح ، فليس إلا التوزيع ، كقسمة العين بالنصف بين
المتداعيين عند تعارض البينتين ، فتأمل جيدا.
بل لعل المتجه
بناء على ما ذكرناه عدم سماع الدعوى المزبورة إلا بالبينة بناء على عدم حصول اللوث
بالنكول ، ضرورة عدم ترتب أثر حينئذ للنكول ، اللهم إلا أن يراد الإلزام باليمين ،
كدعوى التهمة بناء على قبولها التي ليس للمدعي فيها أخذ المال من المتهم بنكوله
إلا أن يقر ، أو قلنا يقضى به عليه مطلقا حتى في دعوى التهمة على وجه يكون المال
عوضا عن النكول عن حق اليمين ، فهو حينئذ من المباح شرعا على هذا الوجه لا على عوض
المال المدعى به ، لكنه كما ترى دون إثباته خرط القتاد ، وقد تقدم الكلام في كتاب
القضاء [١].
بل لعل الظاهر عدم
كون المقام من دعوى التهمة ، فإن الفرض إبراز المدعي الجزم بكون القاتل أحدهما ،
وكونها تنحل إلى إبهام كل منهما لا يقتضي إجراء حكم دعوى التهمة. ومن هنا يتجه
القبول في المقام وإن قلنا بالعدم في دعوى التهمة.
بقي شيء : وهو أن
الفاضل في القواعد بعد أن ذكر سماع الدعوى في المقام والبينة قال : « وكذا دعوى
الغصب والسرقة ، أما القرض