الجميع للمعارض
الذي هو استحالة اجتماع السببين على مسبب واحد ، إذ لا وجه لاستحقاق كل منهما
اليمين على الآخر ، ضرورة عدم كونه مدعى عليه بعدم يد له على العين يراد رفعها عنه
، فقول كل منهما : هي لي دعوى بلا مدعى عليه ، فلا يمين فيها ، فتأمل جيدا فإنه
دقيق نافع ، أو يقال في الفرض باعتبار ثبوت اليد لكل منهما على العين مدعى عليه لو
كان مدعي خارج عنهما ، وإلا فلا يتصور كونه منهما بعد أن كان مع كل منهما عنوان
المدعي عليه ، لمعلومية التباين بين المدعي والمدعى عليه.
ومن هنا كان
التحالف إذا كان كل منهما مدعي منكر ، بمعنى أنه مدعي لشيء ومنكر لآخر ، كما هو
ظاهر في النظر إلى أفراد ذلك ، لا في مثل المقام الذي دعوى كل منهما الكل ، والفرض
أن اليد لكل منهما ، فلا يكون مدعي فيما هو مدعى عليه فيه.
اللهم إلا أن يقال
: إن اليمين هنا لترجيح أحد السببين كالترجيح بها لإحدى البينتين وإن ترتب عليه
كون العين للحالف منهما بخلاف ما لو حلفا معا أو لم يحلفا كذلك ، وليس هو يمين
إنكار ويمين رد حتى يأتي فيه البحث الذي تسمعه من الاكتفاء بيمين واحدة جامعة بين
الإثبات والنفي أو يمينين.
أو يقال : إن لكل
منهما إحلاف صاحبه ، بمعنى أن التحالف أمر راجع إليهما لا يجبر الحاكم عليه ، ولا
يتوقف عليه القضاء بالنصف ، بل كل منهما ميزان للقضاء.
وكان هذا هو الذي
فهمه الأصبهاني في كشفه من المصنف في النافع ، فإنه بعد أن ذكر القول الأول قال :
« ولم يذكر الحلف في الغنية والإصباح ، ونسبه في الشرائع إلى القيل ، ولعل الوجه
فيه أنهما إن لم يحلف أحدهما صاحبه كان الحكم أيضا كذلك ، ولذا قال في النافع بعد
الحكم بكونها بينهما : ولكل منهما إحلاف صاحبه ».