فالتحقيق حينئذ ما
عرفت من حرمة الهدية رشوة كالهبة رشوة وحينئذ يكون الرشاء أعم من كل من هذه العقود
من وجه نحو الإعانة على الإثم ، فتأمل جيدا كي تعرف ما في المسالك وغيرها من حرمة
الهدية للقاضي والعامل ممن لم تكن عادته الهدية له قبل ذلك أو كانت للقاضي من أحد
الخصمين ، بل وغير ذلك من المباحث.
( و ) كيف كان فـ ( ـلو تلفت ) أي الرشوة ( قبل وصولها إليه
ضمنها له ) لعموم « على اليد
» [١] وغيره مما تقدم الكلام
فيه وفي جميع ما يتعلق بالمسألة موضوعا وحكما في المكاسب [٢] فلاحظ وتدبر
ليظهر لك الحال في كثير من مباحث المقام حتى الإشكال في الضمان مع التلف ، خصوصا
إذا كانت الرشوة من الأعمال التي تبرع بها الراشي ونحوه مما لا يد فيه للمرتشي ولا
أمر بالعمل ، وحتى فيما ذكره بعض من حرمة ما يقع من المدعي من الأعمال لأجل الحكم
وإن لم يدخل ذلك تحت الرشوة في الاسم ولكن يدخل في الحكم ، ضرورة عدم الدليل على الحرمة
المنافية للأصل وغيره بعد عدم الاندراج في اسم الرشوة أو غيره مما هو عنوان للحرمة
كالمتوصل به إلى الباطل ونحوه ، أما إذا كان وصلة إلى الحق فلا بأس به بعد أن لم
يكن رشوة كما هو الفرض.
هذا وقد يقال :
باختصاص الرشوة فيما بذل للقاضي على الحكم ولو بحق وللعامل على الباطل ، أما
الثاني فللإجماع المحكي في المسالك ، وأما الأول فلظاهر النصوص [٣] وما في بعضها من
الإطلاق كالنبوي [٤] الذي
[١] المستدرك الباب
ـ ١ ـ من كتاب الغصب ـ الحديث ٤ وسنن البيهقي ج ٦ ص ٩٥.