قلت : قد يتوهم
أنه لولا الإجماع المزبور لأمكن القول بالاكتفاء في الشهادة به وبغيره بالبينة
عنده ، بناء على عموم حجيتها شرعا لكل أحد ، ضرورة كونها حينئذ طريقا شرعيا
كالشهادة بمقتضى الاستصحاب واليد ونحوها مما جعله الشارع أمارة على ذلك ، وكذا حكم
الحاكم بالعدالة أو الفسق ، فان له ذلك كما صرح به في القواعد ، بل الظاهر اكتفاء
الحاكم الآخر باخبار الأول من دون شهادة آخر.
لكن يدفعه اعتبار
العلم في الشاهد على وجه لا يقوم مقامه الحجة شرعا ، بل لو أبرز ذلك على وجه
الشهادة كان مدلسا ، بخلافه في نحو الملك باليد الدالة عليه باعتبار أن الشهادة به
شرعا وعرفا بنحو ذلك ، وكذا الكلام في حكم الحاكم بل هو أولى ، لأنه إلزام بحكم
الموضوع لا أنه من طرق ثبوته.
والموجود هنا في
القواعد أنه « له ـ أي الحاكم ـ أن يحكم بالعدالة والجرح بشهادة عدلين إن نصب
حاكما في التعديل » وفي الكشف « والجرح ، ولا يشترط المعاينة أو الشياع الموجب
للعلم ، ويشترط في القاضي ، فإذا أخبر حاكما آخر بعدالته أو فسقه اكتفى به ، ولم
يشترط شهادة آخر » وهو غير ما نحن فيه ، وإن كان ما في المتن والشرح لا يخلو من
بحث من وجوه.
كما أن ما في
القواعد أيضا من أنه « لو أقام المدعى عليه بينة أن هذين الشاهدين شهدا بهذا الحق
عند حاكم فرد شهادتهما لفسقهما بطلت شهادتهما » كذلك أيضا وإن قال في كشف اللثام :
« فهما شاهدا فرع على الحاكم ».
ثم إن المراد
بمشاهدة فعل ما يقدح في العدالة حصول العلم بكونه