وفي الدروس يقول :
« حكمت أو قضيت أو أنفذت أو أمضيت أو ألزمت ، وقيل : يكفي ادفع إليه ماله أو اخرج
إليه من حقه ، أو يأمره بأخذ العين وبيعها ، ولا يكفي أن يقول : ثبت عندي أو أن
دعواك ثابتة ، ويجوز نقضه عند عروض قادح بخلاف الأول ».
قلت : لا دليل على
اعتبار لفظ خاص فيه ، فيكون المدار على كل ما دل على إنشاء معنى الحكم ، بل لا
يبعد الاكتفاء بالفعل الدال على ذلك فضلا عن قول : « ثبت عندي » مريدا به ذلك ،
أما مع عدم إرادة إنشاء ذلك بها فليست حكما ، وكذا قوله : « ادفع إليه ماله »
ونحوه وبالجملة فالمدار على ما عرفت ، لأنه حكم لغة وعرفا.
بقي شيء : وهو
أنه مع تغير رأي المجتهد يجب عليه إعلام مقلديه بذلك ، ويجب عليه محو ما كتبه من
فتواه الأولى؟ صريح الأردبيلي ذلك ، لكن في صورة معلومية فساد الأول بدليل قطعي أو
بفساد الاجتهاد الأول ، لأنه حينئذ خلاف الحق والصواب ، فيجب رفعه لئلا يقع الناس
في غير الحق ، ولا يبقى الباطل معمولا به ومعتقدا لأحد ، بل الظاهر اتحاد الحكم
والفتوى بالنسبة إلى ذلك.
إنما الكلام في
وجوب الاعلام والمحو مع العدول لدليل ظني على وجه لا يقتضي فساد الاجتهاد الأول ،
والظاهر عدمه ، بل ينبغي القطع بعدم وجوب محوه من الكتاب ، كما هو المشاهد من سيرة
العلماء في اختلاف فتاواهم في الكتاب الواحد ، بل بدون مسافة معتد بها ، على أن
المقلد العامل باستصحاب بقاء مقلده على فتواه معذور ، ولا إثم عليه ، فلا أمر
بالمعروف بالنسبة إليه ، بل لا يبعد القول بصحة عمله وإن كان عبادة ، أما لاقتضاء
الاستصحاب المستفاد من قاعدة اليقين البدلية عن الواقع إلى أن يعلم إلا ما خرج
بالدليل ، وإما لأنها حينئذ من عبادة الجاهل التي