وتأسيا بالنبي
وعترته ( صلوات الله عليهم ) والمسلمين بعده ، وسنة [١] بل وكتابا كقوله
تعالى [٢]( أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْياءً
وَأَمْواتاً ) على أظهر الوجهين فيها بأن يكون « أحياء » منصوبا بسابقه ،
والكفت الضم ، وقوله تعالى أيضا [٣]( مِنْها خَلَقْناكُمْ
وَفِيها نُعِيدُكُمْ ) إلى غير ذلك ، بل هو غني عن الاستدلال ، وهو لغة وعرفا
وشرعا مواراته في الأرض بأن يحفر له حفيرة فيدفن فيها ، لكن نص جماعة على كون
الحفيرة تحرسه من السباع وتكتم رائحته عن الناس ، بل في المدارك أنه « قد قطع
الأصحاب وغيرهم بأن الواجب وضعه في حفيرة تستر عن الإنس ريحه وعن السباع بدنه بحيث
يعسر نبشها غالبا » انتهى. قلت ولعله لتوقف فائدة الدفن على ذلك إن لم يدّع توقف
مسماه كما أشار إليه الرضا عليهالسلام على ما عن علل ابن شاذان [٤] « أنه يدفن لئلا
يظهر الناس على فساد جسده وقبح منظره وتغير ريحه ، ولا يتأذى به الأحياء وبريحه
وبما يدخل عليه من الآفة والدنس والفساد ، وليكون مستورا عن الأولياء والأعداء ،
فلا يشمت عدوه ولا يحزن صديقه ».
وكأنه أشار إلى
ذلك في الذكرى وتبعه عليه غيره حيث قال : والوصفان في الغالب متلازمان ، ولو قدر
وجود أحدهما وجب مراعاة الآخر للإجماع على وجوب الدفن ، ولا يتم فائدته إلا بهما ،
هذا كله مع إمكان دعوى توقف اليقين بالبراءة من التكليف بالدفن شرعا أو لغة وعرفا
عليه ، سيما مع كون المعهود والمتعارف في القبور ذلك ، لكن مع ذا كله فللنظر
والتأمل فيه مجال ، كالتأمل في دعوى ثبوت الإجماع عليه ،