وذلك كله يؤيد
الحكم الأول ، إذ ثبوت الاستحباب لازم لعدم الوجوب ، كما أنه قد يؤيد أيضا مضافا
إلى ذلك وإلى الأصل بخبر الفضل بن يونس الكاتب [١] « سأل أبا الحسن الأول عليهالسلام عن رجل من أصحابنا يموت ولم يترك ما يكفن به ، أشتري كفنه
من الزكاة؟ فقال له : أعط عياله من الزكاة قدر ما يجهزونه ، فيكونون هم الذين
يجزونه ، قال : فان لم يكن له ولد ولا من يقوم بأمره فأجهزه أنا من الزكاة؟ قال عليهالسلام : كان أبي يقول
إن حرمة بدن المؤمن ميتا كحرمة حيا ، فوار بدنه وعورته وكفنه وحنطه واحتسب بذلك من
الزكاة وشيع جنازته ، قلت : فان اتجر عليه بعض إخوانه بكفن آخر وكان عليه دين أيكفن
بواحد ويقضي دينه بالآخر؟ قال : لا ليس هذا ميراثا ، إنما هذا شيء صار إليه بعد
وفاته ، فليكفنوه بالذي اتجر عليه ، ويكون الآخر لهم يصلحون به شأنهم ».
وفيها مواضع
الدلالة على المطلوب ، نعم هي دالة على تكفينه من الزكاة كما صرح به جماعة سواء
كان بالاحتساب على أهله أو عليه وإن كان ظاهرها إيجاب الأول مع التمكن منه ، لكن
الأولى حملها على الندب بالنسبة إلى ذلك ، لعدم القائل به كما اعترف به في الروض ،
ولعل من هذا الخبر يستفاد ما ذكره جماعة منهم العلامة والشهيدان وجوب تكفينه من
بيت المال مع وجوده ، إذ المراد ببيت المال على ما في جامع المقاصد الأموال التي
تستفاد من خراج الأرضين المفتوحة عنوة ، وسهم سبيل الله من الزكاة على القول بأن
المراد به كل قربة لا الجهاد وحده ، ثم قال : ولو أمكن الأخذ من سهم الفقراء
والمساكين من الزكاة جاز ، لأن الميت أشد فقرا من غيره.
ثم إن الظاهر من
النص المتقدم كظاهر من تعرض لذلك من الأصحاب وجوب ذلك ، نعم احتمل الندب في كشف
اللثام للأصل ، وهو ضعيف كضعف التوقف
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٣٣ ـ من أبواب التكفين ـ حديث ١.