( والناس فيها شرع ، فلا يجوز الانتفاع فيها
بغيره إلا ما لا يفوت به منفعة الاستطراق كالجلوس غير المضر بالمارة ) لإجماع الناس عليه في جميع الأمصار كما في التذكرة وجامع
المقاصد والمسالك والروضة.
بل قد يقال : إن
السيرة تقتضي جواز الارتفاق بالطرق بغير الاستطراق كوضع الأحمال ووقوف الدواب فضلا
عن وقوف الشخص نفسه لأغراض تتعلق له بذلك ، فيتجه حينئذ عدم تسلط المستطرق على ما
كان كذلك ، لاشتراك الجميع في حق الارتفاق.
وحينئذ فما في
المتن كقول الفاضل في الإرشاد : « لا يجوز الانتفاع بالطرق في غير الاستطراق إلا
بما لا يفوت معه منفعة » لا يخلو من نظر.
ولعله لذا قال في
المفاتيح : « قيل : لا يجوز الانتفاع في الطرق بغير الاستطراق إلا ما لا يضر به ،
كالوقوف والجلوس للاستراحة والمعاملة ونحوهما إذا لم يتضيق على المارة ـ إلى أن
قال ـ : وقيل : بالمنع من ذلك مطلقا ، والأول أشهر » إلى آخره. وإن كنا لم نعرف
القول المزبور لأحد.
إنما الكلام في
الأول الذي قد عرفت الاشكال فيه ، بل قيل إنهم بنوا ضمان الواقف على الماشي فيما
إذا تعثر بواقف غير مضر بالمارة وماتا وقالوا : إن دم الماشي هدر ، لأنه باشر تلف
نفسه بلا تفريط من الواقف ، مستندين إلى ما ذكر من أن الوقوف من موضوعات الطريق ،
لأن الماشي قد يحتاج إلى الوقوف ، ومقتضى ذلك أن الوقوف في الطريق من موضوعاته
أيضا.
لكن قيل : إنهم
قالوا فيما إذا تعثر الماشي بالقاعد غير المضر بالمارة أن ضمان الماشي على القاعد
، لأنه بجلوسه مفرط ، لوضع الطريق للمشي وقالوا : إنه لو تلف القاعد أو شيء منه
كان الضمان على العاثر أو أنه هدر.